
“الغارديان” البريطانية ترامب وقانون الغاب
“القانون الوحيد الذي يعرفه ترامب هو قانون الغاب. وأسلوبه في ذلك هو المعاملات والإكراه بدل الدبلوماسية وأن عقيدة ترامب المبنية على أن (القوي دائما على حق) تظهر في (دعوته المتهورة وغير الأخلاقية إلى التصفية العرقية في غزة، من أجل أن تتمكن الولايات المتحدة من امتلاك ريفييرا في الشرق الأوسط). الولايات المتحدة رفضت الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية (خوفا من التحقيق في أفعالها وأفعال حلفائها). سلفه بايدن أضرّ بالمحكمة الجنائية الدولية، وبادعاء الولايات المتحدة أنها تلتزم بالنظام الدولي المبني على القوانين، عندما برّر مذكرة توقيف بوتين، بينما وصف مذكرة توقيف نتنياهو بأنها (سخيفة). امتعاض دول مثل بريطانيا من قرارات ترامب لا يكفي، فالمطلوب منها هو حماية المحكمة الدولية وليس التضامن معها. الحكومة البريطانية مطالبة اليوم بتحوّل جذري والوقوف إلى جانب الفلسطينيين، (بعدما وقفت منذ وعد بلفور في 1917 إلى جانب الاحتلال في قهره للفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم). تصريحات ترامب بخصوص غزة (تعطي الضوء الأخضر لنتنياهو لاستئناف القتال، وخرق وقف إطلاق النار)”.
تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقالاً افتتاحياً أمس 8/2 الجاري، تناولت فيه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وقالت “إن القرار لم يكن مفاجئا، لأن ترامب فعل الشيء نفسه، في فترته الرئاسية الأولى، عندما فتحت المحكمة الدولية تحقيقا بشأن جرائم حرب محتملة في أفغانستان”. ولكن هجومه هذه المرة أكبر وأخطر لأنه يصيب أسس المحكمة ويهدد قدرتها على أداء وظيفتها. مذكّرة بأن الولايات المتحدة رفضت الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية “خوفا من التحقيق في أفعالها وأفعال حلفائها”، وأن سلفه بايدن أضرّ بالمحكمة الجنائية الدولية، وبادعاء الولايات المتحدة أنها تلتزم بالنظام الدولي المبني على القوانين، عندما برّر مذكرة توقيف فلاديمير بوتين، بينما وصف مذكرة توقيف نتنياهو بأنها “سخيفة”. وترى الصحيفة أن القانون الوحيد الذي يعرفه ترامب هو قانون الغاب، وأسلوبه في ذلك هو المعاملات والإكراه بدل الدبلوماسية والتحالفات، “فالوحوش الكبيرة جائعة وعلى البقية الإذعان أو الهروب”. وأضافت أن عقيدة ترامب المبنية على أن “القوي دائما على حق”، تظهر في “دعوته المتهورة وغير الأخلاقية إلى التصفية العرقية في غزة، من أجل أن تتمكن الولايات المتحدة من امتلاك ريفييرا في الشرق الأوسط”. علماً إنه من غير المتوقع أن تجتاح القوات الأمريكية كندا، كما أن مقترحه الخاص بغزة لا يمكن تحقيقه، ولكن المراقبين ينبهون إلى ضرورة حمل كلام ترامب حرفياً على محمل الجد مهما كانت أفكاره “سخيفة”. وسواء وسّعت الولايات المتحدة حدودها أم لم توسّعها، فإن المؤشرات كلها تدل على أن ترامب سيدعم إسرائيل وروسيا في ضم المزيد من الأراضي، ويشجع بالتالي دولاً أخرى على استعمال القوة لإعادة رسم حدودها. وترى الصحيفة أن هجوم ترامب على المحكمة الجنائية الدولية دليل آخر على أهميتها، وعلى أهمية القانون الدولي. وتضيف أن امتعاض دول مثل بريطانيا من قرارات ترامب لا يكفي، فالمطلوب منها هو حماية المحكمة الدولية وليس التضامن معها.
“أوقفوا التصفية العرقية للفلسطينيين”
ونشرت صحيفة الإندبندنت كذلك مقالاً كتبته الدكتورة “سارة الحسيني” مديرة اللجنة الفلسطينية البريطانية، تدعو فيه الحكومة البريطانية إلى اتخاذ موقف قوي وصريح ضد أي خطة للتصفية العرقية للفلسطينيين في أراضيهم. حيث قالت فيه إن تصريحات دونالد ترامب برغبته في “الاستيلاء” على غزة، ليجعل منها ريفييرا الشرق الأوسط، أكبر إنكار لحق الفلسطينيين في تقرير المصير والعودة، عبرت عنه الإدارات الأمريكية حتى الآن. مشددة على أن الحكومة البريطانية مطالبة اليوم بتحوّل جذري والوقوف إلى جانب الفلسطينيين، “بعدما وقفت منذ وعد بلفور في 1917 إلى جانب الاحتلال في قهره للفلسطينيين وتجريدهم من ممتلكاتهم”. وطالبت الكاتبة بريطانيا بموقف حاسم لا يقل عن تنديد واضح بتصريحات ترامب، وإنهاء فوري للدعم البريطاني العسكري والاقتصادي والدبلوماسي لإسرائيل. واشارت إلى أن رئيس الحكومة البريطانية، كير ستامر، كانت أمامه فرصة في البرلمان للتنديد بتصريحات ترامب، التي دعا فيها صراحة إلى الاحتلال الأمريكي للأراضي الفلسطينية والتصفية العرقية للفلسطينيين، ولكنه تهرب من السؤال. كما أنه ليس هناك أي مؤشر على أن حكومته ستوقف دعمها العسكري وتعاونها الاقتصادي مع إسرائيل، كونها ملزمة وفق العديد من الاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي وقعت عليها بريطانيا.
وأشارت الكاتبة إلى أن قرار ترامب بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي حظرتها إسرائيل تماماً، لأنها تقدم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن بريطانيا تتحمل مسؤولية تاريخية في خلق أزمة اللاجئين الفلسطينيين الأصلية، فإنها اليوم، حسب الكاتبة، صامتة لا تعترض على حظر الوكالة الأممية، ومنع التمويل عنها.
“تغييب وترهيب”
ووفي السياق ذاته نشرت صحيفة القدس مقالا افتتاحياً تناولت فيه تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، التي دعا فيها إلى خطة تسمح لكل فلسطيني يرغب في مغادرة قطاع غزة إلى أي مكان في العالم بالخروج. مؤكدة على إن هذه السياسة التي تبدو في ظاهرها على أنها ترغيب إنما هي في الواقع ترهيب، وهي محاولة لـ”تغييب الدور الفلسطيني والقضاء على أي تمثيل له في القطاع”، وهي أيضا “سياسة تطهير عرقي وتهجير بالكامل لشعب أعزل”. وحذّرت من أن “خطة ترامب اللاأخلاقية ستشعل الأوضاع في الضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان”، وأشارت إلى أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي حذر من “عواقب أمنية خطيرة لخطة ترامب بتهجير سكان غزة”. وشّدت الصحيفة على إن “رسالة الشعب الفلسطيني واضحة، وهي رفض خطة ترامب المشبوهة ورفض التعامل معها، أو التفكير فيها، بل دفنها إلى الأبد”، وأن تصريحات ترامب بخصوص غزة “تعطي الضوء الأخضر لنتنياهو لاستئناف القتال، وخرق وقف إطلاق النار”، لأن عودة القتال ستسهل “عملية تهجير الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم، وإفراغ قطاع غزة منهم”.