صحافة ورأي

“الكيان” وإبادة الشهود ومحو آثار النكبة (الجزء الأول)

بقلم فضل المهلوس

شأنهم في ذلك شأن كلّ المجرمين واللصوص، سواءً اكانوا أفراداً أم جماعات أو حتى دولاً، يحاولون بشتى الأساليب الدنيئة طمس كافة معالم جرائمهم ولصوصيّتهم، لدرجة ارتكاب جرائم إضافية تصل لدرجة قتل وإبادة الشهود ومحو أي أثر ولو محتمل يدلّ او حتى يمكن أن يشير إلى ما اقترفوه من جرائم ولصوصية. وهذا ما يرتكبه “الكيان” الصهيوني بشكل ممنهج ومقصود بل وهاجسي لتشريع وتسويغ وجودهم الخاطيء على الأرض الفلسطينية وزرعهم الشيطاني في قلب المنطقة العربية والشرق أوسطية، وهم يدركون ومَن زرعهم من غرب استعماري في غفلة من حقب تاريخ الضعف والهزالة أنهم حتماً إلى زوال، وأنهم ليسوا سوى مجرمين ولصوص عابرون في زمن عابر، هم ومَن زرعهم!؟

محو “النكبة” وشطب قضية اللاجئين

ما كاد يجف حبر قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 273 بتاريخ 11/5/1949، بقبول عضوية “الكيان” المشروط بإعلان بأن “إسرائيل”: “تقبّل بدون تحفّظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد بتطبيقها من اليوم الأول الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة، وبأنها تتعهّد  بتطبيق قرار الجمعية الصادر في 29/11/ 1947 المعروف قرار التقسيم 181، وقرارها في 11/12/1948 قرار حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين 194.. حتى تنصل “الكيان” من تعهّداته المكتوبة، ولاحقاُ من كافة قرارات الأمم المتحدة الدولية ذات الصّلة، بل وذهب لدرجة تمزيق ميثاق الأمم المتحدة ذاته وعلى مرآى من العالم أجمع، والمطالبة بتدمير مقر المنظمة الدولية وبمنتهى العنجهية والصّلف، ودون وازع أو رادع؟!

ولم يقف عند هذا الحد، بل ذهب إجبار أكثر من 900 ألف مواطن فلسطيني على مغادرة حوالي 350 قرية ومدينة لمنازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم للنجاة بحياتهم بفعل ما ارتكبه وبصورة ممنهجة ومقصودة ومخطط لها مسبقاً من جرائم ومجازر مثبتة وموصوفة بل ومعترف بها ممّن ارتكبها من العصابات الإجرامية الصهيونية ذاتها.. قام بإغلاق محكم لحدود فلسطين التاريخية مع دول الجوار الفلسطيني، لمنع كافة محاولات العودة لاولئك اللاجئين، واعتقال وإعادة طرد كل مَن حاول العودة منهم، وهم الذين اعتقدوا بل ووعدوا بخروج مؤقت لا يتجاوز أياماً معدودات ممَّن سُمّي حينها “جيش الإنقاذ. ولم يكتفِ بذلك، بل عمد إلى قوننة وتشريع اغتصابه للأراضي والمدن والممتلكات الفلسطينية المسلوبة، من خلال سلسلة من القوانين الباطلة شرعاً وقانوناً، من نمط قانون الاستيلاء على أملاك الغائبين، ونقل كافة الأملاك العامة والأراضي الأميرية كأملاك وحق مشروع لدولة “الكيان” المجرم..

وكي يمحو من ذاكرة التاريخ البشري أي أثر حتى لوجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية المشروعة والمثبتة في الجغرافيا والتاريخ الإنساني، قام بأكبر عملية سطو وتزوير لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلاً، وربّما لن يشهد مطلقاً. حيث أقدم على فرض عملية “الأسرلة” على أسماء القرى والمدن والأماكن التراثية والتاريخية على امتداد حدود كيانه “المزيّف، وحتى الفلكلور الشعبي الفلسطيني الأصيل ، وطاول حتى الملابس والمأكولات الشعبية الفلسطينية المتوارثة غارباً عن غارب، وهناك آلاف الشواهد على ذلك؟!

وكي يمحو أي أثر لوجود “النكبة” الفلسطينية، منع تداول هكذا مصطلح عالمي شائع، وعمد إلى استبداله وفرض بديل له في التداول العالمي، ممثّلاً في مناسبة استقلال كيانه المصطنع يوم 15/5 من كل عام، مستخدماً ذات الأسلوب الدعائي النازي الذي ابتدعه الإعلامي النازي “غوبلز” والذي يتمحور حول مقولته المعروفة: “إكذب، ثم إكذب، ثم إكذب حتى يصدّقك الناس”؟!

وكي يغلق كافة أبواب الشبهات المحتملة حول سرقته وتزويره وجرائمه، وإنكاره حتى لوجود شيء اسمه لجوء فلسطيني وحق عودة”اللاجئين الفلسطينيين” إلى أرضهم وديارهم وممتلكاتهم المسلوبة، وفق القرار الأممي 194 الذي تعهد أمام العالم للالتزام بع، بل وتعهّد بتطبيقه مقابل نيل الاعتراف الدولي بكيانه المجرم.. أقدم عام 1950 على سن ما يُسمّى “قانون العودة” حاصراً العودة إلى فلسطين بعصابات شُذّاذ العالم وفضلاته من قطعان المستوطنين الحالمين بأرض “السمن والعسل” الموعودة وفق الدعاية الصهيونية الزائفة والملفّقة، وممَّن يدّعون بلا أي سند تاريخي أو حتى وثائقي انتمائهم للديانة اليهودية، وهو ما أثار، ولا يزال يثير قضية الهوية وسؤال مَن هو “اليهودي” المطروح بقوة حتى اليوم في دولة “الكيان”، وبعد ما يقارب الثمانية عقود؟!

يُتبع..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى