صحافة ورأي

“المواطنة” الأمريكية تحت “بسطار” جيش الكيان النازي “المقدّس”؟!

بقلم فضل المهلوس

ربّما نفس قنّاص المواطنة الأمريكية “شيرين أبو عاقلة” وبنفس السّلاح الأمريكي الفتّاك، سقطت المواطنة الأمريكية “عائشة نور إزغي” جنوب نابلس”، برصاصة في الرأس أيضاً، وهي من أصول تركية، وتتطوع ضمن حملة “فزعة” لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال والمستوطنين. وكالعادة وزيادة قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في “إدعاء” مقتل مواطنة أجنبية بإطلاق نار في الضفة الغربية”، هذا التحقيق الذي لن يسفر كما سبقه من تحقيقات عن شيء، بل ربّما يدّعي بأن الرصاصة المجرمة أطلقها “إرهابي فلسطيني”، ويقفل المحضر ويقضي الأمر لدى واشنطن على ذلك، نقطة وأول سطر جديد؟!

وكالعادة وزيادة أيضاً، ظهر وزير خارجية “الكيان” النازي الفعلي “اليهودي الصهيوني” أنتوني بلينكن، مثلما خرج يوم إعدام شيرين أبو عاقلة، ليعبّر عن “الحزن البالغ” بصورة تثير الغثيان والشفقة معاً، وليقيم لمواطنته “بيت عزاء” في الدومينيكان وليس في تل أبيب أو نابلس حيث قُنصَت، لا سمح الله، لدرجة اعتقد بعض المخدوعين بالسياسة الأمريكية أنه سيعلن عن “جمعة غضب” أمريكية تجاه استخفاف “الكيان” المتكرّر بالمواطنة الأمريكية، مكتفياً بتقديم التعازي باسم الحكومة الأمريكية التي يُفترض أنه يمثّلها لأسرة وأقرباء المغدورة عائشة، واصفاً مقتلها بـِ “الفقدان الكارثي” ومؤكّداً على أن المهم الآن هو “التوصّل إلى الحقائق” التي ستبني واشنطن خطواتها تبعاً لها، ولم يفته أن يشدّد على أن أهم أولوياته هي “سلامة المواطنين الأمريكيين وحمايتهم أينما كانوا”. وكان البيت الأبيض الذي سوّدته عنجهية نتنياهو وأركان حكومته قد أعرب بدوره عن “انزعاج شديد” جراء مقتل الناشطة عائشة نور، حيث قال متحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي شون سافيت إنهم تواصلوا مع الحكومة الإسرائيلية “للحصول على مزيد من المعلومات وطالبنا بإجراء تحقيق في الحادث” كمَن يطالب “الحرامي” بأن يحلف ليأتيه الفرج الأمريكي كالمعتاد؟!

قد يتبادر لذهن الكثيرين من الواهمين والمعجبين بدرع “المواطنة” الأمريكية الواقي الذي داسه “بسطار” جيش “الكيان” النازي “المقدّس” بحسب التصفيق الحار وقوفاً لأعضاء الكونغرس الأمريكي المُتصهيَن لدى حديث مجرم الحرب نتنياهو من على منصته عن جيشه “المقدّس” الأكثر أخلاقية في العالم والذي لم يقتل أيّ مدني في قطاع غزّة المكلومة.. بأن شيرين أبو عاقلة من أصول فلسطينية وعائشة نور من أصول تركية، ودمهم رخيص لدرجة لا تسمح لواشنطن بتبنّي قضيتهم وإثارة خلاف مع ربيبتها تل أبيب بشأنهم. وهنا نستذكر المواطنة الأمريكية البيضاء الشقراء “راشيل كوري” الشبيهة صورة طبق الأصل من “ترامب” نفسه، ومن ولاية العاصمة واشنطن نفسها، والتي قتلتها دهساً أحدى الجرّافات العسكرية يوم 17/3/2003 في منطقة مخيم رفح، وكان الجيش الإسرائيلي قد أغلق ملف التحقيق الذي أجراه بمقتلها في عام 2003، قائلا: “إن مقتل راشيل كان حادثا عرضيا، ولن يُحاسب الجنود الإسرائيليون على حادث لا يتحملون مسؤوليته”. وأضاف  في بيانه: “في الوقت الذي يعبر فيه الجيش الإسرائيلي عن الحزن لمقتل الناشطة الأمريكية، فإنه يعتقد أن الأعمال غير المسؤولة وغير القانونية التي تقوم بها حركة التضامن العالمية ساهمت في الحادث المأساوي الذي أدى إلى مقتل راشيل كوري”. وحينها رفض والداها نتائج التحقيقات الإسرائيلية، وأكدا أن تحقيق الجيش الإسرائيلي افتقد إلى “الدقة والمصداقية والشفافية” وهي أمور كان قد تعهد بها إيريل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت. وفي مارس/آذار عام 2010 رفعت الأسرة دعوى في محكمة حيفا ضد الحكومة الإسرائيلية متهمة الجيش بقتل راشيل بشكل غير قانوني أو عمدي أو بسبب الإهمال. وقالت الأسرة حينئذ إن الدعوى القضائية هي ملاذها الأخير. ولكن في 28 أغسطس/آب رفضت المحكمة الدعوى وقضت بأن وفاة كوري “حادث مؤسف” غير ناجم عن إهمال الجيش الإسرائيلي أو الدولة الإسرائيلية. كما قضت المحكمة أيضا بأنه لا يوجد خطأ في تحقيق الجيش الإسرائيلي والذي برأ سائق الجرافة من أي لوم. وقال القاضي إن السائق لم ير الناشطة الأمريكية، مشيرا إلى أنه “كان بوسعها إنقاذ نفسها”. وقال القاضي: “إنها لم تبتعد وهو التصرف الذي كان على أي شخص عاقل القيام به، لقد وضعت نفسها في خطر”. وحكمت المحكمة الإسرائيلية بأنه ليس هناك مبرر لدفع تعويضات، ولكن ليس على عائلة كوري دفع رسوم القضية. وعقب ذلك أعربت سيندي والدة راشيل كوري عن صدمتها في هذا الحكم مؤكدة أن الأسرة سوف تستأنفه. وقالت: “إنه ليس فقط يوم سيء للأسرة، بل لحقوق الإنسان، والإنسانية، ولحكم القانون، ولدولة إسرائيل”. وأضافت قائلة: ” إن مثل هذا الحكم يجعل الجنود يتصرفون ومعهم حصانة على حساب المدنيين”. أي أنه بالمحصّلة النهائية المجرم هو الضحيّة نفسها؟!

وما يسترعي الانتباه أن “الكيان” الإجرامي قد رفض مجرّد المشاركة الأمريكية في تحقيقاته الصوريّة، لعل في ذلك موعظة وذكرى لمَن يريد أن يستفيق ويعتبر ويشتري نفسه قبل فوات الأوان؟!

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى