الحرب الروسية الاوكرانيه متابعة جديدة
بقلم: الدكتور مزهر نعمان الدوري - سفير جمهورية العراق لدى روسيا الاتحادية للفترة 2000-2002
منذ ان انطلقت العمليات الحربية في اوكرانيا والتداعيات الاقليمية والدولية تتسارع فواشنطن التي دخلت ساحة الحرب ومعها الاتحاد الاوربي تمد اوكرانيا باحدث المعدات والاسلحة لمواجهة التفوق الروسي وحُزَم العقوبات التي اصبحت تصدر جماعيا وفرديا ضد روسيا في مختلف المجالات فضلاً عن الحملة السياسية والاعلامية التي تروج لانهيار الاقتصاد الروسي، وفشل روسي في الخطط الحربية لحملة موسكو بل اصبح كبار المسؤولين الغرب يصرحون نيابة عن الاوكران، بحيث اصبح رئيس وزراء بريطانيا ووزيرة خارجيته يصرحون ويزاودون اكثر مما يصرح به المسؤولون في (كييف)، بالضبط كما فعلت (تاتشر وبلير) ابان عدوان الأئتلاف الدولي في حرب الخليج الاولى والثانية ضد العراق. حيث سخروا معهم كل وسائل الاتصال والاعلام بكل ثقلها وعمدوا كما فعلوا ابان العدوان واحتلال العراق باستخدام الشركات الدعائية الهوليودية ونشروا صور مفبركة بقصد شيطنة روسيا كما فعلوا مع العراق لإلصاق تهم جرائم ضد الانسانيه (الابادة والقتل الجماعي )، وارسال الخبراء والمستشارين الغربيين والاميركان والمتطوعين للقتال الى جانب القوات الاوكرانية وبدات العقوبات المفروضه على روسيا عكسية وكما اثرت على روسيا اثرت عليهم .
اما الجانب الروسي فقد وضع خطة لعملياته لها اهدافها المحدده فهدف احتلال (كيف )وتطويقها كما بدا اول وهلة كان خطة تكتيكه مقصودة لتشتيت القوة الاوكرانيه وتفويت الفرصه عليها في مواجة القوات الروسيه مجتمعة في شرق روسيا هدف العمليات الروسية الرئيسي . وما قامت به روسيا لحد الان هو تدمير قدرة اوكرانيا العسكرية والاستراتيجية تدميرا شبه كامل واستطاعت احكام سيطرتها على محيط خاركوف واخرجت خرسون تمامامن سيطرة كييف واستولت على ماريبول اخر ميناء على بحر (ازوف)وحاصرت مصنعها الاستراتيجي الذي بدات بتدميره وكشف اسراره وباشرت بتعزيز وجودها وطرد القوات الاوكرانية من مقاطعة (دونباس) ودعمت (لوغانس ودونتسك ) الجمهوريتين المستقلتين من طرف واحد وهي تحاصر ميناء نيكولايف الميناء السوفييتي السابق واودسا وتسعى لدخولها بدون عمليات عسكرية أو قصف كما جرى في ماريبول وغيرها.
خلاصة القول ان عمليات روسيا العسكرية في شرق اوكرانيا تكاد تحقق النسبة الاكبر من الخطةالتي رسمها بوتين. فلم تنهار القوات الروسيه وظلت تواصل عملياتها بكفاءة ونجحت روسيا في تجربة كفاءة اسلحتها الاستراتيجيه وتمكنت من تدمير القوات الاوكرانية وقواعدها ومصانع اسلحتها الاستراتيجية وشلت قدرتها العسكرية والاقتصادية والانتاجيه ولم تفلح العقوبات التي صدرت ضدروسيا من ثنيها عن اهدافها ولم ينهار الاقتصاد الروسي بل انعكست اثارا سلبية لم يسلم الاقتصاد الاوربي والامريكي نفسه حيث انه فشل الاجتماع الذي عقدته دول الاتحاد الاوربي من تحقيق التوافق بينها تجاه مقاطعه النفط والغاز الروسي بناء على طلب واشنطن بل ان دولا مثل هنكاريا وسلوفاكيا وبولونيا واستونيا التي رفضت الدفع بالروبل عادت لاحقا ووافقت على ذلك واضطر الاتحاد الاوربي للسماح لبعض الدول بالاستثناء لفترات مختلفة لتلبية حاجاتها من النفط والغاز الروسي الذي عجزت عن تعويضه بل وفشلت واشنطن في املائها هذا بشكل واضح، حيث تعاني الان دولا اوربية كثيرة من اثار العقوبات التي فرضت على روسيا مثل شحة موارد القمح والزيوت التي كانت تاتيها من روسيا واوكرانيا واصبح المواطن الاوربي يعاني من انعكاسات العقوبات على دخله ومعيشته كما يعاني المواطن الروسي بل فرضت روسيا على الدول الاوربية بتسديد قيمة النفط والغاز بالروبل الذي كان من قبل قد بلغ عند بدء العمليات العسكرية الى مايقارب 120روبلا مقابل الدولار بينما اصبح الان 62 روبلا مقابل الدولار اضافة للكم الهائل من النازحين الاوكران الى اوربا الذين اربكوا الاقتصاد لهذه الدول. لقد امتدت اثار العقوبات على معظم دول العالم واجتاحت موجة من الغلاء اسواق العالم الى حالة تشبه ماحدث عشية الحرب العالمية الثانية . هنالك اصرار اوربي امريكي على مواصلة الحرب ضد روسيا من خلال دعم مالي بلغ ارقاما خيالية فرضته واشنطن ودول الاتحاد الاوربي لتزويد اوكرانيا بالسلاح وهم يعرفون ان كفة النزاع حتما مع روسيا فالتصور الذي اعتقدته واشنطن بان روسيا مثل العراق ويمكن تدمير اقتصادها بالعقوبات فروسيا دولة عظمى لها امكانيات الدولة الكبرى اقتصاديا وعسكريا وتسليحيا ولها عمق سوقي هائل .
خلاصة القول ان موسكو مصرة على عمليتها الخاصة في شرق اوكرانيا ومصرة على تحقيق اهدافها وكشف الزيف الذي تروج له وسائل الاعلام الغربي وتصوير موسكو بانها لا تملك القدرة على حسم المعركه والتباكي على جرائم ترتكبها روسيا ضد الانسانية في ذات الوقت الذي نسوا فيه انهم كانوا اكثر اجراما بحق العراق الذي حولته الى لا دولة تعيث فيه ايران ومليشياتها خرابا ونهبا وحولته الى ساحة لصراعات دموية وطائفية وقومية يحتاج الى معجزة لاعادة تاهيله كدوله لها تاريخها ومكانتها ووجودها.