عربي

بعد السودان والصومال… اليمن هي المحطة التالية

بقلم: سماهر الخطيب

لا شك أن هواية الولايات المتحدة المفضلة هي شنّ الحروب حتى تبدو وكأن آخرين بدأوها. وهو ما حصل في تاريخ الصراعات في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا أيضاً وفي محاولة الولايات المتحدة استحصال الأوراق الرابحة والاستحواذ على أكبر عدد منها سواء من جهة الصراع أو الدبلوماسية وقد  زار رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز أوكرانيا في 15 يناير الماضي، ثم قام رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، التي توسطت بنجاح بين روسيا وأوكرانيا/الغرب، وبعدها بيوم واحد زار زيلينسكي السعودية، ففي أواخر شهر فبراير الماضي، إلتقى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة السعودية الرياض، وأعرب ولي العهد السعودي حينها حرص بلاده ودعمها لكل المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الأوكرانية – الروسية والوصول إلى السلام.

من جانبه قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، أن بلاده تعتمد على الدعم السعودي النشط والمستمر للوصول إلى صيغة للسلام، مشيراً ألى إقتراب قمة السلام الأولى والتي كانت ثمرة لإجتماعات المستشارين في مدينة جدة العام الماضي، وفق قوله. هذا ما جاء في العلن ولكن ماخفي أعظم!.

ويبدو أنّ لقاء زيلينسكي بولي العهد السعودي يحمل في طياته أهداف أخرى بعيدة تماماً عن أهداف البحث عن حل للأزمة الأوكرانية – الروسية، وهذه الأهداف تتلخص في مساعي الولايات المتحدة في إدارة صراعات الشرق الأوسط في محاولة للترويج للقوات الأوكرانية الخاصة المتواجدة في السودان لنقلهم إلى خارج السودان بهدف تحقيق مكاسب شخصية للرئيس الأوكراني وضمان إستمرار الدعم السياسي والعسكري لإوكرانيا.

ولا شك أنّ التواصل الأوكراني مع السعودية وبحسب مصادر عديدة جاء بتوجيهات مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل على تقديم الدعم العسكري لإوكرانيا على خطوط المواجهة ضد روسيا، ولإسرائيل في عدوانها على الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، وتم حشد القوات الخاصة الاوكرانية وإرسالهم إلى السودان للقتال إلى جانب الجيش السوداني بحجة قتال قوات شركة “فاغنر” العسكرية الروسية الخاصة.

ووجود القوات الخاصة الأوكرانية في السودان لم يعد سراً فقد كشف تقرير الـ “سي ان ان”، في أيلول العام الماضي عن وجود القوات الخاصة الأوكرانية في السودان وهي المسؤولة عن سلسلة ضربات الطائرات بدون طيار وعمليات برية على مواقع تواجد وإنتشار قوات الدعم السريع المدعوم من قوات فاغنر الخاصة، وفقاً لـ”سر إن إن”.

كما التقى حينها الرئيس الأوكراني بقائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مطار شانون الإيرلندي، بعدما نجحت القوات الأوكرانية في السودان من تخفيف الحصار عن القيادة العامة في الخرطوم ونقل البرهان من العاصمة إلى مدينة بورتسودان. وقد أثار هذا اللقاء العديد من التساؤلات حول مدى التعاون بين القوات الأوكرانية والجيش السوداني من جهة، ومدى تدخل الولايات المتحدة الأميركية وإستخدامها للقوات الأوكرانية خارج حدود كييف.

وبالعودة إلى تواجد القوات الخاصة الأوكرانية خارج أراضيها، نذكر أيضاً ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام العالمية والمحلية حول أنباء مفادها أن واشنطن نقلت مجموعة من الجنود الأوكرانين من القوات الخاصة إلى القواعد العسكرية الأمريكية في مقديشو، عاصمة الصومال على أن يتم نقل دفعات أخرى في القريب العاجل.

ولا شك أنّ قرار نقل عناصر القوات الأوكرانية إلى دول القارة السمراء ليس قراراً متخذاً من القادة الأوكران وحدهم فكيف لهم أن يرسلوا افضل مقاتليهم، حسب وصفهم، بعيداً عن خطوط الجبهة الروسية – الأوكرانية وهذا أمر مستحيل، وبالتالي فإنّ هذه التحركات حكماً هي بتوجيهات مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتقديم الدعم اللازم لحليفها في الشرق الأوسط المتمثل في إسرائيل، ونقل الجنود الاوكران من السودان إلى الصومال يرسم صورة واضحة لمحطتهم التالية وهي إستخدام القواعد العسكرية في الصومال للهجوم على اليمن فقد فشلت سياسة الاستجابة للمخاطر الاستراتيجية التي تعمل وفقها الولايات المتحدة الأميركية والغرب، بعد اعتبار أن ما يقوم به اليمنيون يفرض تداعيات سلبية على سلاسل الإمداد، ويهدد أمن الملاحة البحرية، لكن عملياً لم تستطع واشنطن من تحقيق هذه الاستجابة، ولم تتمكن القوة الأميركية الغربية من حماية السفن البحرية في منطقة البحر الأحمر.

وبالتالي ستستخدم المقاتلين الأوكران والقواعد العسكرية في الصومال للهجوم على اليمن بحجة القضاء على “الحوثيين” الذي أصبحوا كالشوكة في حلوقهم على خليج عدن ويقطعون الطريق على كل السفن البحرية المتجهة نحو إسرائيل.. وهو إسلوب أميركي متبع عبر استخدام الآخرين لتفيذ أجنداتها فكثيرا ما نسمع آراء وتقارير في الصحافة الغربية تفيد بأن الولايات المتحدة تحاول “احتواء” إسرائيل، وأنها تخشى توسيع رقعة الصراع، ويبدو أن جل ما تخشاه الولايات المتحدة هو مشاركتها المباشرة في هذه الحرب، وهو ما تسعى إليه إسرائيل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى