ارتفاع حدة التوتر إلى درجة الغليان بين روسيا وبريطانيا وفرنسا
• معطيات أمريكية تؤكد أن فرنسا قد أرسلت قوات من الفيلق الأجنبي ليقاتل إلى جانب القوات الأوكرانية
أكدت موسكو عقم أية محاولة للتفاهم مع الغرب وأوكرانيا. جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أعلن أنه لا يوجد هناك من يمكن الحديث معه حتى الآن، موضحا أن تصريحات القيادات السياسية الأوكرانية والأمريكية والأوربية تؤكد أنه لا يوجد أحد من هؤلاء مستعد لإجراء محادثة جادة، ووصفهم بأنه يلعبون مبتكرين مسرحيات ساخرة كمؤتمر سويسرا.
وأضاف لافروف أن الدول الغربية تحاول جر أكبر عدد من الدول النامية وبلدان جنوب العالم إلى اجتماع سويسرا من خلال الكذب والاحتيال والابتزاز. نذكر هنا بأن “برن” دعت إلى هذا المؤتمر لمناقشة الوضع في أوكرانيا وآفاقه أكثر من 160 وفدا يضم رؤساء دول ورؤساء حكومات من مختلف أنحاء العالم وكذلك أعضاء مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين وبريكس، بما في ذلك وفودا من ثلاث منظمات دولية، والغريب أن هذا المؤتمر يحضره هذا العدد الهائل من ممثلي مختلف دول العالم دون حضور روسيا الطرف الثاني في الصراع، مما دفع بالبابا فرنسيس إلى الإعلان أنه لن يحضر هذا المؤتمر إن لم تحضره روسيا. الجدير بالذكر أنه من المفترض أن ينعقد هذا المؤتمر منتصف شهر يونيو – حزيران القادم.
من جهة ثانية وصف لافروف وزير الخارجية البريطاني بأنه عديم الإحساس بشكل غير مباشر بقوله عنه بأنه “لا يندم” في تعليقه على تصريحات ديفيد كاميرون التي اعتبر فيها أن لأوكرانيا الحق في قصف الأراضي الروسية بالأسلحة التي تقدمها لها بريطانيا، واستخدم الوزير الروسي كلمة لا يندم في إشارة إلى ما قيل حين سحبت تصريحاته هذه من النشر وقيل أنه ندم عليها، وكان من المفترض أن ينشر النص معدلا بحيث تحذف منه هذه العبارة لكنه أعاد نشرها بالصيغة ذاتها مع إضافة أن بريطانيا ستستمر بتقديم الدعم لأوكرانيا. واعتبر لافروف أن البريطانيين هم على هذه الشاكلة، مضيفا بأن سمعتهم معروفة في هذا المجال.
واعتبر وزير الخارجية الروسية أن “رهاب روسيا” الذي يتنفسه ماكرون يشكل ضرورة عنده لكي يصبح زعيما في أوروبا وأن هذه الأطروحة باتت بمثابة مطية له وقد جعلها الغرب قضيته الرئيسية، وذكّر بمصير نابليون وهتلر اللذين اعتبرا أن روسيا تشكل تهديدا رئيسيا لهما.
كما وجه بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين انتقادا حادا لتصريحات كاميرون معتبرا أنها بالغة الخطورة وكذلك تصريحات الرئيس الفرنسي التي جدد فيها إمكانية إرسال قوات فرنسية لمحاربة الروس إلى جانب القوات الأوكرانية التي اعتبر أنها تصّعِد التوتر بشأن الصراع في أوكرانيا وأن هذه التصريحات تشكل خطرا على الأمن الأوربي ومنظومته الأمنية بالكامل.
وكان الرئيس الفرنسي قد أعلن مؤخرا في مقابلة مع مجلة الإيكومينيست” أن هناك شرطين إن تحققا يمكن لفرنسا إرسال قواتها لمساعدة القوات الأوكرانية، وهما اختراق القوات الروسية لخدد الدفاع الأوكرانية، وأن تقوم كييف بطلب هذه المساعدة، منوها في غضون ذلك بعدم وجود طلب من أوكرانيا بهذا الصدد.
ويلفت النظر في هذا الخصوص ما طرحه ستيفن برايان النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي، حيث أعلن في مقالة له في “آسيا تايمز” أن فرنسا قد أرسلت واقعيا جنودها لتنفذ مهماتها في أوكرانيا، وحدد حتى أن هذه القوات هي من الفيلق الأجنبي، وتم إرسالهم للقيام بدعم اللواء الميكانيكي الأوكراني الرابع والخمسين في مدينة سلافيانسك، وهؤلاء الجنود هم من فوج المشاة الفرنسي الثالث، من الفيلق الأجنبي. وأن هذه القوات أرسلت لتشارك فعليا في القتال ضد القوات الروسية في دونباس، وأوضح الخبير العسكري الأمريكي أن روسيا لن تتهاون مع الجنود الذين ترسلهم فرنسا حتى وإن كانوا من الفيلق الأجنبي، أي من المتطوعين الأجانب خاصة إن توسع تعدادهم.
وقد أعلن الخبير العسكري الفرنسي فوترافيرهو ضابط في القوات الفرنسية أن باريس تسطيع أن تخصص لواءين وحسب من قواتها لدعم القوات الأوكرانية، وهما يعملان حاليا تحت أمرة قيادة الناتو، وهو ما يعتبر قطرة صغيرة في بحر إذا ما قورنت بحجم وقوة الجيش الروسي، وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن فرنسا عموما تستطيع إرسال قرابة 5-6 آلاف جندي إلى أوكرانيا، ولكن ما تم إقرار إرسالهم يصل إلى 1500 جندي.
وحتى المساعدات الأمريكية الأخيرة يشكك الأمريكان أنفسهم بمدى قدرتها على تحقيق تغيير جذري في الميدان حيث أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن المساعدات الأمريكية لن تتمكن من تغيير الوضع في أوكرانيا معتبرا أن الجيش الروسي سيحقق مزيدا من الانتصارات، وأن على أوكرانيا أن تؤجل القيام بهجوم مضاد إلى العام القادم
نشير أخيرا إلى أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن عدد المقاتلين في الفيلق الأجنبي في أوكرانيا من المرتزقة بلغ أكثر من 13 ألفا وأن القوات الروسية قضت حتى الآن على قرابة 6 آلاف منهم.