جدعون ليفي يعترف: “الاحتجاجات ضد الحكومة صهيونية ولا تُمثلني”؟!
“لن تولد الحرية، المساواة والعدالة في دولة الأبرتهايد. كما ولا يمكن النضال من أجل حماية الديمقراطية بالتزامن مع تجاهل الأبرتهايد“؟!
قدّم الكاتب الإسرائيلي المعروف “جدعون ليفي” في مقال نشرته “هآرتس” مؤخراً اعترافاً صريحاً يحمل العنوان أعلاه، بدأه بالقول: “لم أشارك الأسبوع الماضي في التظاهرة. لم تَقو رِجلاي على حملي بل ولم يطاوعني قلبي بالذهاب لتلك التظاهرة التي هي من جهة شرعية، لكنها ومن جهة أخرى لا تمثلني. حمل غالبية المتظاهرين العَلم الاسرائيلي كأنهم يحتمونَ به بينما تم حظرُ علم الشعب الآخر الذي يعيش على نفس الأرض. بل وليقف حاملوهُ بأفضل حال وحدهم بعيدا على هضبة ترابية تقعُ في طرف الميدان، كما حدث بالمظاهرات السابقة. لا يمكن لهذه التظاهرة (النقية) قوميا تحقيق العدالة والمساواة التي هي أحد شعارات هذه الاحتياجات الجوفاء. أجوف شِعار (الحرية، المساواة و الديمقراطية) التي ينادي به مُنظمو هذه التظاهرة. بل وأجوف شِعار (النضال من أجل حِماية الديمقراطية) بالمعسكر الآخر. فلن تولد الحرية، المساواة والعدالة في دولة الأبرتهايد. كما ولا يمكن النضال من أجل حماية الديمقراطية بالتزامن مع تجاهل الأبرتهايد”؟!
وواصل المقال: “يشعر اليوم بعض يهود البلاد بالاضطراب الشديد بسبب الخطر الداهم الذي يهدد حقوقهم وحريتهم. نشكر الله أن هذه الشريحة عادت للحياة وللنضال مجددا، لكن تظل هذه الحرية وفي ظل الظلم الحالي من نصيب الأغلبية اليهودية المتفوقة. وعليه واستنادا إلى ما جاء أعلاه فإن دعم حوار حماية الديمقراطية عَبثي. فمن يدعم ويستفِد من هذه الفوقية، يدعم الأبرتهايد. لم ولن أشارك بتظاهرات النفاق! كان بحر الأعلام الأزرق الأبيض عبارة عن خطوة اعتذارية سيطرت عليها أحاسيس الذنب أمام أفعال اليمين الذي شككَ بولاء ووطنية معسكر اليسار. صرح المتظاهرون من خلال رفعِهم للعَلمِ الإسرائيلي أنهم صَهيونيون وعليه فَولاؤهُم مفهوم ضمنا. وعليه فليقف الفلسطينيون والعرب مواطنو الدولة جانبا، إلى حين تسويتنا لخلافاتنا الداخلية! يتحتم علينا الامتناع عن خَلط الأمور. فها هو اليسار الإسرائيلي يسقط ضحية لليمين. يعتذر، يتلعثم ويشوههُ دفاعه عن نقاء وطهارة العَلم الإسرائيلي لا اتهامات اليمين فقط. وها هو اليمين يقوم بما يقوم به مُجددا، يقصي الفلسطينيين وعَلمَهم كما يفعل اليمين بالضبط. لا يمكن أن يستند احتجاج يدعي الديموقراطية والمساواة ويطالب بالحرية، على منظومة أبرتهايد”؟!
ويضيف: “تم اختيار العلم الإسرائيلي كرمز لهذه الاحتجاجات لأنها صهيونية في جوهرها، لكن لا يمكن لهذه الاحتجاجات أن تكون صهيونية، ديمقراطية وعادلة في نفس الوقت. لا يمكن لاحتجاجات تدعم فوقية شعب معين – في حالتنا هذه الشعب اليهودي – المطالبة بالعدالة دون تغيير قاعدتها الأيدولوجية. نعم يا سادة ها هي نجمة داوود تغرق – كما أشار ملحق (هآرتس) الأسبوع الماضي- لكننا لن ننجح بوقف هذا الغرق ما دام العلم الإسرائيلي وحده رمز هذا الاحتجاج. سُفك الدم الفلسطيني في الأيام الأخيرة كما يُسفكُ الماء. لا يمر يوم بدون قتيل بريء، فقد قُتل مؤخرا وخلال أسبوع واحد فقط معلم الرياضة الذي حاول مساعدة جريح لجأ إلى ساحة بيته، أبوين حاولا إنقاذ أبنائهم وفتى فلسطيني. لا أفهم كيف استطاعت هذه الاحتجاجات تجاهل هذه الجرائم كأنها لم تحدث، كأن هذا الدم بالفعل ماء أو مطر مبارك لا علاقة له بالاحتلال. تخيلوا أن هذه الجرائم تُرتكب بحق اليهود يوميا لا بحق الفلسطينيين، أكانت هذه الاحتجاجات ستتجاهل حدوثها؟ لقد تحول الاحتلال بنظر هؤلاء المتظاهرين إلى مجرد ذبابة مزعجة يجب إخراسها. بل ويجب اقصاء كل مَن يحاول ذكرهُ، فقد سئم حتى اليسار سماعهم”؟!
وختم ليفي مقالته قائلاً: “كان الشعار التالي ما ظهر على اللافتات (يجب وقفُ الانقلاب الشُرطوي). لكن لن تحدث أي ثورة في إسرائيل ما دام الأبرتهايد مستمرا. فإن تحققت مطالب المتظاهرين واستعادت المحكمة العليا مكانتها سيحظي المدعي العام بحصانة تامة بل وسيتم تقييد السلطة التنفيذية وستستمر دولة الأبرتهايد بالازدهار. وعليه ما غرض هذا الاحتجاج أصلا؟ التوهم مُجددا أن إسرائيل (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط)”؟!