
تحقيق لـ “بي بي سي” يكشف عن: تقييد فيسبوك للصفحات الإخبارية الفلسطينية
“الصفحات التي تنشر عن الحرب حصرياً قد تكون أكثر عرضة لإنخفاض في التفاعل. يتعرض الفلسطينيون لقمع متعمد، أطلعنا موظف سابق في شركة ميتا طلب منا عدم الكشف عن هويته على وثائق داخلية بشأن تغيير تم إجراءه على خوارزمية الإنستغرام” في غضون أسبوع من هجوم حماس تم تعديل طريقة البرمجة لتصبح أكثر صرامة في التعامل مع التعليقات الفلسطينية على منشورات إنستغرام. وهذا يعني أن حجب تعليق لمستخدم فلسطيني يعيش في غزة أو الضفة الغربية، بدعوة أنه يخالف قواعد النشر، لا يتطلب سوى أن يكون متيقناً من ذلك من جانب الخوارزمية بنسبة 25 % فقط. يظن المستخدمون العاديون أنهم يطلعون على الصورة الكاملة عبر هواتفهم، لكنهم في الواقع لا يرون سوى جزء بسيط بسبب إسكات أصوات أخرى. يبقى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، من أكبر التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية “
كشف تحليل أجرته “بي بي سي عربي”، لأكثر من 100 ألف منشور على فيسبوك، عن انخفاض بنسبة 77%، في التفاعل مع منشورات الصفحات الإخبارية في الأراضي الفلسطينية منذ بدء الحرب في غزة. ويُعد هذا التحليل الأول من نوعه، والذي يستند إلى بيانات وسائل التواصل الاجتماعي حسب الموقع الجغرافي منذ اندلاع الحرب.
في المقابل، أظهر تحليل مشابه ارتفاعاً في التفاعل مع منشورات الصفحات الإسرائيلية، وصفحات الدول العربية المجاورة. يأتي ذلك في ظل شكاوى الفلسطينيين على مدار العام الماضي، من “الحظر الجزئي”.
على منصة إنستغرام، حصلنا على وثائق مسربة، و أجرينا مقابلة مع موظف سابق، كشف عن تعديل خوارزمية إنستغرام، لتشديد الرقابة على المستخدمين الفلسطينيين فقط. وقد أكدت شركة ميتا إجراء تغييرات على خوارزمية إنستغرام، وقالت إنها اتخذت “تدابير مؤقتة للمنتج والسياسة” على فيسبوك بعد اندلاع الحرب. لكنها نفت تعمّد إسكات الأصوات الفلسطينية.
بات التفاعل مع محتوى التواصل الإجتماعي أكثر أهمية من أي وقت مضى، فالتعليقات والإعجابات والمشاركات وردود الفعل كلها عوامل تزيد من إنتشار المحتوى، وتؤثر في الرأي العام، وقد تحدث تغييراً حقيقياً على أرض الواقع.لكن خلال العام الماضي، شكى صحفيون وشخصيات عامة فلسطينية، من تراجع ملحوظ في مستوى التفاعل مع منشوراتهم، هناك بالفعل أمر يستحق الإنتباه حسب تحقيقاتنا.
قمنا بتحليل أكثر من مئة ألف منشور، على حساب مؤسسات إعلامية فلسطينية مختلفة على فايسبوك، وهذا هو أول تحليل شامل يجرى للبيانات الخاصة في الحرب في قطاع غزة بحسب الموقع الجغرافي منذ إندلاع المعارك.
يمثل هذا العامود متوسط التفاعل لكل منشور قبيل هجوم حماس على إسرائيل في الـ 7 من أكتوبر، المعدل يتغير لكنه مستقر، ثم تحول هجوم حماس وحرب إسرائيل على غزة التي تلته بخسائره البشرية الكبيرة إلى أبرز القضايا المتداولة عالمياً.
لننظر إلى ما يحدث لمستوى التفاعل مع نفس هذه الصفحات، نشاهد تراجع حادا في الواقع منذ ذلك التاريخ، حيث شهدت هذه الصفحات إنخفاضا في التفاعل بمتوسط 77%. إحدى الصفحات التي تضمنها تحقيقنا هي تلفزيون فلسطين، ورد القناة 5.8 مليون متابع على الفايسبوك، وتعرضت منشورات المؤسسة عن الحرب لقيود من قبل المنصة.
طارق زياد نائب مدير عام الإعلام الرقمي، تلفزيون فلسطين: “بالرغم من أن الناس والجمهور مهتم جداً أن يرى الأحداث التي كانت تجري بعد الحرب، تفاجئنا أنه حصل العكس، التفاعل تم تقييده بالكامل، ولم يعد أحد باستطاعته الوصول إلينا”.
منذ السابع من أوكتوبر عام 2023، ومع نشوب الحرب في غزة، إطلعنا على أدلة تكشف عن تزايد المحتوى الصادم والعنيف والمحرض على الكراهية على الإنترنت. لذا كررنا نفس البحث، على عدد مماثل من المنشورات من مؤسسات إخبارية إسرائيلية، عرضت مواد مؤلمة مشابهة، وجدنا أن التفاعل زاد بالفعل.
تقول ميتا أنها تبنت ما أطلقت عليه “إجراءات مؤقتة خاصة بالمنتج والسياسة بعد نشوب الحرب”، وقالت الشركة أيضاً، إن الصفحات التي تنشر عن الحرب حصرياً قد تكون أكثر عرضة لإنخفاض في التفاعل، وأضاف متحدث بإسم الشركة “نعترف أننا ارتكبنا أخطاء، ولكن أي اتهام بأننا قمعنا بصورة متعمدة صوتاً معيناً هو إدعاء خاطئ تماما”.
لكن وفقاً لبعض الأشخاص من داخل الشركة، يتعرض الفلسطينيون لقمع متعمد، أطلعنا موظف سابق في شركة ميتا طلب منا عدم الكشف عن هويته على وثائق داخلية بشأن تغيير تم إجراءه على خوارزمية الإنستغرام. “في غضون أسبوع من هجوم حماس تم تعديل طريقة البرمجة لتصبح أكثر صرامة في التعامل مع التعليقات الفلسطينية على منشورات إنستغرام.”
زودونا بهذه الوثائق المسربة، التي تكشف تجديد معيار الدقة من 40 إلى 25 للناشرين الفلسطينيين فقط، وهذا يعني أن حجب تعليق لمستخدم فلسطيني يعيش في غزة أو الضفة الغربية، بدعوة أنه يخالف قواعد النشر، لا يتطلب سوى أن يكون متيقناً من ذلك من جانب الخوارزمية بنسبة 25 % فقط .
أكدت ميتا تطبيق هذا الإجراء، مبررة الخطوة بضرورة التصدي لما وصفته بزيادة كبيرة في محتوى الكراهية، إلا أن عدم إرتياح موظفيها كان واضحا.
“يظن المستخدمون العاديون أنهم يطلعون على الصورة الكاملة عبر هواتفهم، لكنهم في الواقع لا يرون سوى جزء بسيط بسبب إسكات أصوات أخرى”.
يبقى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، من أكبر التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية، لكن ما تشير إليه أبحاثنا، هو أنه عندما تكون المنصات كبيرة، مثل تلك التابعة لميتا، يمكن أن يكون للتغييرات ـ حتى وإن كانت صغيرة ـ تبعات كبيرة.