تقارير

مع الزغاريد والتكبير والتهليل لطوفان شمال غزة هل جربت أن تفقد كل شيء في حياتك؟

هل جربت أن تنام في خيمة؟ بل دعونا ننسَ الخيمة، هل جربت النوم في غرفة صغيرة مع عشرة أشخاص، نصفهم أطفال؟ هذه الغرفة هي غرفة النوم، والمطبخ، وغرفة الطعام، وغرفة المعيشة، وغرفة التبديل، وأحياناً يتم فيها أيضًا الاستحمام للأطفال. أين هي الخصوصية؟ هل جربت أن تقف في طابور طويل للذهاب إلى الحمام، خصوصاً في الصباح، وأنت بين 10 أو 20 شخصاً أمامك ومثلهم خلفك؟ هل جربت أن تشتهي وجبة طعام بسيطة مهما كانت؟ هل جربت أن تحرم نفسك من شيء، أو تشتهي شيئاً طيلة شهور، هل جربت أن تنام بنفس الملابس طوال اليوم؟ أن تستيقظ بنفس الملابس، وتخرج في نفس الملابس، وتتناول طعامك وتؤدي جميع مهامك بنفس الملابس؟ هل جربت أن تموت من البرد لأنك لا تملك ملابس شتوية؟ هل جربت أن تكون زوجتك حاملاً في ظل الحرب؟ هل جربت أن يولد ابنك في الحمام أو في السيارة أو في الشارع أو حتى في الخيمة؟ هل جربت أن لا تجد ملابس لطفلك حديث الولادة، أو أن لا تجد له حفاضات؟ هل جربت أن يغطى ابنك بفرشة أو بملابس الصلاة بسبب غياب الغطاء؟ هل جربت أن تحتاج إلى دواء ولا تجده؟ أو أن يكون لديك مرض مزمن، سواء لك أو لوالدك أو والدتك، ولا تجد الدواء؟ وبعد كل هذا، هل ستخبرني أنك تشعر بأهل غزة؟

واكبت أسرة ماتريوشكا نيوز منذ الصباح الباكر الطوفان البشري الهادر العائد إلى شمال غزة المنكوب والمُدمّر بآلة القتل والتدمير الأمريكية والغربية بإيادي عصابات إجرام “الكيان” النازي، رافعي الرؤوس صادحين بالزغاريد والتكبير والتهليل، وتوجيه الشكر والامتنان للبنان المساند ومجاهدي العراق، ورجال اليمن الضامن الفعلي بالنار لما جرى من اتفاق لوقف إطلاق النار بصواريخ “فلسطين” الفرض صوتية، ومُسيّرات “يافا”، والتي عجزت ترسانة الغرب المتغطرسة عن إيجاد حلّ لها… فيما يلي رسالة لواقع التهجير والإبادة الذي تعكس ظروف ما عانوه من حياة جائرة لا يُمكن لعقل بشري أن يعيشها أو حتى يتخيّلها أو يُحسّ بمعاناتها، وهو ما يُفسّر بوضوح الفرحة الغامرة للعائدين إلى شمال غزة، رغم كلّ الدمار الشامل والممنهج له، وفيما يلي النص الحرفي لهذه الرسالة التاريخية الهادفة:

هل جربت أن تفقد كل شيء في حياتك؟ نفسي أن أخبر كل من يقول لأهل غزة أو يتظاهر بأنه يشعر بهم: تعالوا، دعوني أطلعكم على ما يشعر به الناس هنا، ولنحاول أن نعيش هذه الأحاسيس: هل جربت أن تنام في خيمة؟ بل دعونا ننسَ الخيمة، هل جربت النوم في غرفة صغيرة مع عشرة أشخاص، نصفهم أطفال؟ هذه الغرفة هي غرفة النوم، والمطبخ، وغرفة الطعام، وغرفة المعيشة، وغرفة التبديل، وأحياناً يتم فيها أيضًا الاستحمام للأطفال. أين هي الخصوصية؟ ننسى الخصوصية تماماً. لا تجد فرصة لتكون بمفردك في الغرفة لتغير ملابسك. تضطر لتبديل ثيابك أمام الجميع، وبعد ذلك هل ستقول لي إنك تشعر بأهل غزة؟

هل جربت أن تقف في طابور طويل للذهاب إلى الحمام، خصوصاً في الصباح، وأنت بين 10 أو 20 شخصاً أمامك ومثلهم خلفك؟ وعندما يحين دورك، لا تسمع سوى “يلا، يلا، يلا!” وعليك أن تسرع لتتمكن من قضاء حاجتك أو غسل وجهك وتنظيف أسنانك مثل الآخرين، وفي بعض الأحيان يمكنك توفير بعض الوقت إذا دخل معك شخص آخر لتتبادلا الأدوار في الحمام، حيث لا توجد خصوصية بالطبع. وفي كثير من الأحيان، يكون الحمام بلا ماء، ويجب عليك تدبير أمورك بما تستطيع.

هل جربت أن تشتهي وجبة طعام بسيطة مهما كانت؟ أن يطلب منك أطفالك طعاماً بسيطاً مثل رغيف خبز أو بيضة أو تفاحة، ولا تستطيع تلبية طلبهم لأنك ببساطة لا تملك المال؟ الحياة لم تعد لها أي قيمة عندما لا تملك المال، ولا تستطيع شراء أي شيء، لأن الأسواق فارغة أصلاً.

هل جربت أن تحرم نفسك من شيء، أو تشتهي شيئاً طيلة شهور، ثم تخبرني بعد ذلك كم أنت تشعر بأهل غزة؟

هل جربت أن تنام بنفس الملابس طوال اليوم؟ أن تستيقظ بنفس الملابس، وتخرج في نفس الملابس، وتتناول طعامك وتؤدي جميع مهامك بنفس الملابس؟ لأنك فعلاً محظوظ إذا كنت تملك قطعتين مختلفتين من الملابس. إنك أكثر حظاً إذا تمكنت من شراء قطعة جديدة، وإذا اشتريت، سيكون غالباً ملابس للأطفال أو للنساء، المهم أن تدبر أمرك وتستر نفسك.

هل جربت أن تموت من البرد لأنك لا تملك ملابس شتوية، ولا تجد حتى الملابس الشتوية؟ وبعد ذلك تخبرني كم تشعر بأهل غزة؟

هل جربت أن تكون زوجتك حاملاً في ظل الحرب؟ هل جربت أن تشعر بما تشعر به هي، كيف ستلد في منتصف الليل أو تحت القصف؟ هل جربت أن تخرج مع زوجتك الحامل وسط القصف؟ تعلم أن حليب الأمهات انقطع من صدورهن بسبب الخوف وقلة الطعام.

هل جربت أن يولد ابنك في الحمام أو في السيارة أو في الشارع أو حتى في الخيمة؟ تخيل أن يكون ابنك البكر.

هل جربت أن لا تجد ملابس لطفلك حديث الولادة، أو أن لا تجد له حفاضات؟ هل جربت أن يغطى ابنك بفرشة أو بملابس الصلاة بسبب غياب الغطاء؟

وبعد كل هذا، هل ستخبرني أنك تشعر بأهل غزة؟

هل جربت أن تحتاج إلى دواء ولا تجده؟ أو أن يكون لديك مرض مزمن، سواء لك أو لوالدك أو والدتك، ولا تجد الدواء؟ وأنك تعيش على بدائل، وصحتك تتدهور يومًا بعد يوم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى