أيها الأسيادُ العرب – بقلم: اللواء الركن الدكتور جمال ابراهيم الحلبوسي
يقول الشاعر : تنبهوا واستفيقوا أيها العربُ …
لم أتردد لحظة ًفي الحفاظ أو الدفاع عن أي شبر عربي أو إسلامي في كل أرجاء المعمورة ولن يرضيني أو أستسيغ ما أرى من نكبات وويلات تعصف بكل ما هو عربي أو إسلامي دون أن أنتفض مدافعا أو مشاركا أو معبراً عن صدق المشاعر وهذا أضعف الإيمان ، ولذا أنظر للاحداث التي تظهر هنا وهناك على أساس التفسير العقلاني والمنطقي ، وليس لي فيها ناقة ولا جمل ولكن ما الذي ستؤول له الأمور وما هي النتائج ، ولا بد لنا اليوم بعد الحدث الجلل الذي أقدمت عليه روسيا الأتحادية من خطوة كبيرة لا يفعلها أو يقدم عليها إلا من يمتلك القدرة بعد والضمور والتدهور والإختفاء لعقود مريرة مرت بها هذا البلاد لتنفض عن جبينها الغبار وتزيح عن طريقها تراكمات الاتربة التي كادت أن تسد جميع طرقها ، في خطوة لا يقدم عليها إلا الواثق بتأريخه والمعدّ لكل فقرة منها ما يتطلبه الموقف
هنا أرجو أن يتأمل الجميع تطورات المواقف وما الذي يتسابق عليه الغرب من دفع أوكرانيا التي ستخضع لروسيا عاجلا أم آجلا الى طاحونة حرب ودمار من خلال استلهام ودفع غريزة المقاومة بروح نازية خفية من قبل المعسكر الغربي مع تقديم العون والاسلحة والذخائر لزيادة الخسائر ببلد محسوم أمره بمغادرة جمعهم الذي يتباكون عليه ، أن الغرب الذي يخشى التصادم المباشر مع روسيا الجديدة ويقاتل بالوكالة عنه ، عليه أن يتذكر أن موازين القوى وقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن هي شراكة للجميع وأن المعيار الذي يدعونه هو نفسه الذي اقدموا عليه يوم مرروا كذبة أسلحة الدمار الشامل وارتباط العراق بإرهاب القاعدة والذي انكشف زيفه في أفغانستان والعراق التي صيروها وبقية الدول العربية والاسلامية لتكون ضحية وتكون ممزقة الأوصال لا تقوى على العيش بعد أن زرعوا في العراق وغيره منظومة فساد يجني الغرب من منافعها مليارات الدولارات التي تخرج الى بنوكهم ومصارفهم لانعاش أقتصادهم وسحقا لشعوب ذاق الأمرين من نتائج هذه العنصرية البغيضة التي تتستر بغطاء الأنسانية المزيفة .
أقول : هنا أيها العرب الذين جاءتكم الفرصة التاريخية للوقوف بقوة وحزم لمراجعة حساباتكم السياسية والإقتصادية والعسكرية وأنتم تراقبون المشهد عن كثب فهناك معسكر شرقي جديد سيظهر في الافق وسيكون قوةً أخرى لقطب جديد يناهض القطب الغربي ويأخذ مكانه في قلب المعادلة الغربية التي أحرقت الأخضر واليابس وجعلتنا في حال لا نحسد عليها ونحن نهوي جميعا في سلة الارهاب التي صنعتها أميركا لنا أو لنسير في مركبها وندفع كل فواتير الحياة السعيدة لهم ولشعوبهم ، اليوم يتطلب منا منطق العقل السليم أن نراجع ما الذي خسرناه كعرب من تفكك الاتحاد السوفيتي السابق ، وكيف سيكون موقفنا عندما يكون هناك قطبين نتعامل معهما على أساس المصالح والتعاون والاحترام لا على اساس الإنجرار الى معسكر حطم كل شيء في بلداننا دون سبب أو ذنب منا وما نراه اليوم كفيل بصدق ما ندعو له.
إن روسيا اليوم فتحت لنا آفاقا كنا ننتظرها من سنين بعد أن خذلتنا خططنا وتصوراتنا المرتبطة بسياسة الغرب المنفرد لمستقبل لم نستطيع أن نضع له خطوة واحدة بالإتجاه الصحيح ، فهل تفهم العرب كيفية التعامل مع هذا القطب الجديد الذي سيعادل الكفتين ، نعم أيها الأصدقاء والأشقاء لا تتريثوا أو تنتظروا ما تؤول له النتائج وأنتم تشاهدون دول المعسكر الغربي التي أصبحت بكامل أطرافها وزعاماتها عبارة على بوق إعلامي غير محايد ينقل وقائع المعركة من طرف واحد وهم ينفخون بقربة كثيرة الثقوب دون جدوى بعد أن فشل الممثل الكوميدي بإضحاك شعبه ليبكيه العمر كله ، أو يكونون أمناء مخازن يعلنون بين فترة وأخرى صرف العتاد أو الأسلحة الفتاكة لتدمير أكثر عدد ممكن أو الحاق أكبر الخسائر بالشعب الاوكراني الصديق .
أيها الأشقاء العرب :
حذار من سماع إعلام الغرب دون تمحيص وتدقيق وراقبوا ما يجري على الأرض ومن الذي يفرض الأحداث بصدقها ومصداقيتها ويتحكم بها ، الممثل الكوميدي وجمهوره الغريب الذي يدفع له ليضحكوا على رقصاته وشطحاته أم القائد الذي عدّ العدة ووضع لكل شيء متطلباته لاستعادة المسرح بكامله ليكون في خدمة مواطنيه ، هنا معيار السياسة المعتدلة والمتزنة تفرض نفسها ونحن العرب أحوج ما نكون لموقف محايد وفيه منح الحق لمن يدافع عن أمنه القومي والإستراتيجي بعد شعر أو لمس أن الخطر أصبح يلامس طرفه الجنوبي ويحاول تدمير ما تبقى من عظمة هذا البلد ، فهل آن الاوان لنقول للغرب كفى وونفتح مع روسيا بوابة نرى فيها ما ينفعنا ولا يضرنا بمفهموم الأحترام المتبادل والسيادة الصحيحة ويمكننا من خلالها أنتشال أمتنا من هذا التقهقر والضياع والتسكع على أبواب حانات الغرب من قبل حكام فاسدين سقطوا سقوطا حرا دون تردد راكضين خلف كل سراب غربي موهوم . أيها العرب إحسنوا التصرف واحكموا العقل ولات حين مناص .