ثقافة ومجتمع

من سيغُسِلْ ويُكفن مواثيق الشرف؟ – بقلم: عمر الناصر

لايمكن الوثوق بالسياسة لان الثابت فيها متغير ، ولايمكن التكهن بمخرجاتها اذا كان المتغير يؤمن بالمكتسبات الشخصية والجهوية اكثر من المبادئ السامية المرتكزة على ادبيات المواطنة ،حتى الابتسامة السياسية الصفراء تخضع لقانون المتغيرات واصبحت ماركة مسجلة او عرف سياسي وقاسم مشترك للمشاريع والصفقات والمصالح الموقتة ، لان انعدام الثقة وارتفاع منسوب اشارات وذبذبات التخوين باتت مترسخة بين ثنايا وسرائر الكثير ممن يمتنع عن الذهاب الى المشتركات.

التحالفات الاستراتيجية الحقيقية تعني زواج كاثوليكي لا طلاق فيه، تكمن اهم اسرارها في ما الت اليه الدراسة الدقيقة لاسباب الفشل واخفاقات المشاريع الزئبقية الماضية المؤقتة والغير مستقرة ،التي استندت على معايير وضوابط وهمية في محاولة يائسة لاعادة ترميم جسور الثقة المتبادلة بين صناع القرار ، دون الالتفات الى ضرورة عمل فلترة حقيقية لتصفية وتصفير عدادات النوايا من اجل سلامة الجودة وضمان الديمومة والاستمرارية، تحالفات سياسية لا يمكن ان تحكم معايير سلوكياتها ورقة ناصعة البياض وحبر قلم باركير شارف على الانتهاء، ربما لا يكفي حبره حتى لكتابة عنوان منمق لميثاق شرف جديد، خصوصاً ان الجميع قد وصل الى قناعة تامة بأن مثل ذلك يعد مضيعة للجهد والوقت والمال، ولان البحث عن ضمانات بالمسير على نهج جديد وموحد يكون بمثابة البحث عن ابرة داخل كومة قش .

للاسف اقول ان القوى السياسية فشلت في خلق وامتلاك الوسيط السياسي النوعي المذوّب للازمات ، والمؤمن حد اللعنة بضرورة تقديم التنازلات ومرونة الحوارات طبقاً لدراسة واستشراف واقعية الأحداث والتحديات، وسيط ومفاوض ومناور يكون اسفنجة سياسية اصلية قادرة على امتصاص الاضرار الناتجة من تداعيات ومخلفات اي انسداد سياسي او اختناق عالق مابين قوة وتماسك الاطار وقناعة واصرار التيار، بغية الوصول الى الاهداف الاستراتيجية المشتركة والنوعية، المخفية منها او المعلنة، استناداً الى ابجديات الانفتاح والفكر المتحضر الذي يدق دعائم خرسانية للغة العصر الحديث والحكم الرشيد، ولكي نتجنب تكرار التوقيع على مواثيق شرف وأدت في مهدها ولم ترى النور، تم تغسيلها وتكفينها بحذر ، بل انها فقدت رونقها وقيمتها الحقيقية الممتلئة بالوعود الوهمية بعد الانتهاء من كل دعوة للعشاء لتركن بعدها في زاوية من زوايا مكتبة النسيان.

كاتب وباحث سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى