مازالت روح الثورة المجيدة قائمة منذ اندلاعها في تشرين الاول 2019 ولغاية اليوم تبث بها روح المقاومه والاستمرار، الثورة التي فجرها شباب العراق الثائر من بغداد لأقصى جنوب العراق، فبعد نفاذ صبر العراقيين على الميليشيات والاحزاب الوقحة والمجرمة، وبعد الكبد والنهب وكل انواع القمع الاقتصادي والامني من الحكومات المتتالية التي اتت بعد احتلال العراق على ظهور دبابات المستعمر، نهض الحراك الشعبي الذي قاده شباب العراق ليعبر عن حركة احتجاجية تهدف لانتزاع حقوقهم المسلوبة من قبل إدارة الدولة وسلطاتها، لترتقي هذه الاحتجاجات إلى مستوى انتفاضةٍ شعبيةٍ، وبحجم عدم مبالاة الدولة بمطالبهم حيث بدات بالاضراب والعصيان المدني الذي توسع بعد مخاض عسير ليلد ثورة تشرين.
ومن هذه الصرخة الهادرة التي انلقت من حناجر العراقيين، تحول الشارع العراقي إلى سلطة وطنية لتسقط سلطة السياسيين الذين حصلوا على شرعيتهم في مرحلةٍ ما من ذات الشعب الذي ثار ضدهم، لأنهم لم يكونوا بمستوى المسؤولية وخانوا أمانة الشعب والوطن. اليوم الشعب ذاته الذي منح لهؤلاء الفاسدين شرعية الحكم يسحبها ويسقطها ليتم محاسبة كل من تلوثت يده بدماء العراقيين وأموالهم وبمعاناة الشعب في مشهد سياسي يعتبر ملحمة تاريخية يسطرها شباب العراق الثائر في التاريخ المعاصر. ليتيقن جميع أبناء وطني بحقيقة مُرة على أنفسهم بان ليس ما ضاع محصورا بما ضاع من عمر الشباب دون إن يجدوا فرص للعمل وتكوين أسرة ناجحة فحسب ولا بتهجير ألاف الأسر العراقية لأسباب طائفية ودينية مقيتة والذين إلى يومنا هذا مازالوا يعيشون معاناة شديدة وفي ظروف معيشية قاسية في مخيمات النزوح ومن لم يتحمل اضطر إلى الهجرة إلى شتات العالم ليعيشوا معاناة الغربة وعذاب الحنين إلى الوطن ولا بما تم هدره من المال العام ومن المليارات من عوائد النفط ولا من غياب التنمية وبناء اقتصاد سليم للدولة ولا من تهالك الخدمات العامة ومن تلوث المياه، بل ما ضاع هو الوطن، ولهذا هبت الجماهير بصوت واحد تصرخ وتقول وتطالب لتقول نريد وطن حر نحن من يتمتع بخيراته ونحن من يحكمه.
ان شباب العراق ومن أجل هذا الوطن وهذه الأرض ضحوا بأنفسهم وقدموا أرواحهم فداء لوطنهم، فهم لبوا نداء الوطن دون خشية من آلة القمع التي تستخدمها الحكومة وسلطات الدولة ضد الشعب التي ترفع السلاح بوجه الشعب هي حكومة لا محال ساقطة وستسقط مع كل مؤساساتها ودستورها والسلطات الأخرى، من التشريعية والرئاسية لان لا حرية دون ثمن وان الشباب والشعب لحالة الوعي التي وصلوا إليها بعد طول معاناة والآم مستعدون لإمداد حرية الوطن بالغالي والنفيس من اجل تحقيق الأمن والأمان والحفاظ على استقلال الوطن واستقراره، فدماء الشهداء في ثورة تشرين التي مازالت مشاعلها مستمرة في شوارع الوطن تكتب تاريخ العراق الجديد، عراق ما بعد الأول من تشرين. شهداء أثمروا في قلوب الأحرار والثوار والشباب المنتفض إلى عز ونصر أسقط كل الخطوط الحمراء. إن الدماء الطاهرة الزكية الشريفة اذ تنادى الأحرار والشباب بان يكونوا بحجم المسؤولية التاريخية والواجب الوطني الملقى على أكتافهم لتغيير الأوضاع القائمة في العراق بعد إن سيطرة ميلشيات مختلفة الولاءات على مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية. ان الشباب ينتفض من اجل استعادة الوطن والدولة المخطوفة، مهما كان الثمن ولتحقيق هذا الهدف تهون التضحيات في سبيله، لكي يعود العراق إلى مجده الشامخ . بعد طول معاناة لتحرير العراق من زمر الفساد والخونة العملاء، ان خط الشروع في الأول من تشرين الأول 2019 يجب إن يكون نهاية لأسوء حقبة تاريخية عاشها العراق والشعب تحت سطوة الفاسدين وسراق المال والعملاء والخونة .
فانطلاق الثورة في خضم هذه الأجواء التي يعيشها الشعب العراقي أمر حتمي لان دم الشهداء التي سالت بأداة القمع الحكومي هي دماء لها ثمن عند الأحرار وثوار العراق. الثورة التي ذهب ضحيتها المئات من شباب بعمر الورد والاف الجرحى ، هو عدد بكل المقاييس تعتبر جريمة ولابد من معاقبة الحكام والسلطة التشريعية والرئاسية الذين بإدارتهم تم تنفيذ هذه الجرائم الشنيعة بحق شباب الوطن والشعب العراقي وهم عزل لا يرفعون بوجه قوات الأمن سوى إعلام عراقية ومطالب حقوقية و بوطن حر مستقل.
إن أعداد شهداء ثورة تشرين منذ اندلاع الثورة والى يومنا هذا فاق الالف شهيد منهم طلبة وخريجين وصحفيين واعلاميين ونشطاء وحتى من القوات الامنية .
وإذا كانت الأرقام وتكرارها عمل يمكنه تغييب الوجه الإنساني للضحية وغض البصر عن القاتل، كانت هذه الصور تتناقل من شخص لآخر عبر مواقع التواصل، ربما كي لا يُنسى الدم المهدور، وربما لأن القصة تعيش حتى بعد رحيل صاحبها.
سيبقى التأريخ شاهد عيان على حكاية كل هؤلاء الشُبان الذين ذهبوا بصدورهم العارية مطالبين بسلمية بحياة كريمة، غير مسلوبة من الفاسدين، لكنها على الأقل لا تجعلهم رقماً، مجرد رقم مرشح للارتفاع أو قابل للتأويل، كي يبقوا أحياء في ذاكرة العراقيين لا فقط في قلوب محبيهم وأقربائهم.
وستبقى هناك اسألة مفتوحة على مر الزمان ، تلك المتناثرة هنا وهناك بين فيسبوك وتويتر، فلن يعرفها إلا أهالي القتلى وأحباؤهم، فيما سؤالهم للقاتل “لماذا؟” قد يكون بلا صوت، صامتاً ربما مثل عيني القنّاص الذي منح الحق لنفسه بفعل ما فعل. الجميع يعلم أن المليشيات والقوى السياسية المدعومة من إيران هي المسؤولة عن قتل المتظاهرين، وعلى الحكومة القادمة اذا تشكلت وحتى تثبت هويتها الوطنية والأخلاقيةعليها اولا تقديم القتلة إلى المحاكمة للقصاص منهم دون مواربة أو خوف والا فلن تكون هناك دوله عادلة ولا قضاء عادل ولاحكومه ..لان العدل هو اساس الحكم ..
هؤلاء الشهداء يستحقون منا الوقوف لهم اجلالاً واحتراماً وتقديراً هم واسرهم وابناؤهم واقرباؤهم فقد قدموا الغالي والنفيس من اجل وطن الخير والعطاء الذي نعتز به جميعاً ويستحق منا الكثير ، فالوطن سيبقى قويا منيعا وآمنا بإبنائه الشرفاء والقلوب المؤمنة النابضة بصدق الانتماء له..