صحافة ورأي

أملي أن يترأس اجتماع التنظيمات الفلسطينية في موسكو الرئيس محمود عباس – بقلم: رامي الشاعر

في غضون السنوات الأخيرة بادرت القيادة الروسية مرتين بدعوة قادة التنظيمات الفلسطينية أو من يمثلهم، بكل ما يشمله ذلك من تأمين وتسهيل الوصول وغيرها من التفاصيل اللوجستية والإدارية بهدف إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، حيث تؤكد موسكو دائما على الأهمية القصوى لذلك، لأن ذلك الانقسام تحديدا هو ما يعيق الجهود الدولية التي يبذلها أصدقاء الشعب الفلسطيني حول العالم في التوصل إلى إنهاء معاناته وقيام دولته المستقلة.

وكثيرا ما استمع ممثلو روسيا في المحافل الدولية أو خلال لقاءات ثنائية واللجان المختلفة أثناء مناقشة سبل التوصل لتسوية سياسية عادلة للقضية الفلسطينية إلى تلك الذريعة المحفوظة من “عدم وجود قيادة فلسطينية موحدة تمثل جميع الفلسطينيين”، وهي ذريعة يستخدمها كل من لا يرغب في التوصل إلى حل عادل لقضيتنا، وحجة جاهزة لعرقلة كل جهود أصدقاء الشعب الفلسطيني. فعلى سبيل المثال، جمّدت الولايات المتحدة الأمريكية عمل اللجنة الرباعية الخاصة بالتسوية الفلسطينية التي تشارك فيها إلى جانب روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بحجة أنه “لا يوجد طرف فلسطيني جدّي يمثل جميع الفلسطينيين”.

وعودة إلى اللقاءين اللذان جرت وقائعهما في موسكو سابقا، وفشلا في استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية مع الأسف الشديد، وعلى الرغم مما يتردد مؤخرا من أن حماس كانت السبب في إفشال اللقاء الأخير قبل سنتين تقريبا (وهو أمر غير صحيح جملة وتفصيلا)، فإنني لا أريد الخوض في التفاصيل نهائيا، وأكتفي بالقول: “عفا الله عمّا سلف”، ودعونا نتطلع للمستقبل، بدلا من تبادل الاتهامات.

اليوم نحن بصدد المحاولة الثالثة التي تبادر بها القيادة الروسية في دعوة جميع التنظيمات الفلسطينية إلى اللقاء، أواخر فبراير الجاري في موسكو، وأنا على ثقة أن المجتمعين سيضعون نصب أعينهم تعقيد وتشابك المشهد الراهن، وخطورة اللحظة التاريخية الفارقة، وسيعلنون، تخليداً وتمجيداً لجميع شهداء شعبنا الفلسطيني، لا سيما من الأطفال والنساء، ودعماً لكل أسرانا في المعتقلات الإسرائيلية، استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وعن تشكيل قيادة فلسطينية موحدة، لا أريد الخوض في تسميتها أو هيكلها أو شكلها، لكني على ثقة أن قيادات التنظيمات مجتمعة ستتمكن من إيجاد الصيغة وجميع الترتيبات التي تتطلبها الظروف الراهنة، وفي ضوء الدعم الدولي غير المسبوق لشعبنا وقضيتنا والتعاطف مع ما يتعرض إليه شعبنا اليوم من إبادة جماعية، واستمرار للتصفية الجسدية والتهجير القسري والتدمير اليومي للبنى التحتية.

وأرجو من جميع القادة والشخصيات الفلسطينية تركيز اهتمامهم على أهمية هذا الحدث والتوقف عن تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات عودة إلى أسباب وظروف الانقسام الذي عاناه شعبنا ومسيرته الوطنية التحريرية، وأنا على يقين من أن مرحلة السنوات الأخيرة كانت مليئة باجتهادات مختلفة سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، إلا أن الهدف واحد مقدس ألا وهو تحرير فلسطين وحماية القدس الشريف. أتمنى كذلك أن يصادف اجتماع التنظيمات الفلسطينية في موسكو آخر الشهر زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لموسكو، وهي زيارة يتم الترتيب لها، وبقيت فقط إجراءات تحديد الموعد.

وقد وجهت إليّ أسئلة كثيرة بصدد “إعلان روسيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، وما يمكن أن تعنيه خطوة كهذه في “تشجيع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية”. أؤكد هنا أن روسيا عملياً اعترفت بدولة فلسطين منذ أن رفعت التمثيل الفلسطيني في موسكو من مستوى “الممثلية” إلى مستوى “السفارة”، ولم يبقى سوى إجراءات انسحاب إسرائيل من جميع أراضي الدولة الفلسطينية التي تحتلها، وقيام الفلسطينيين ببناء مؤسساتهم وفرض السيادة الفلسطينية عليها، لكن رفع مستوى التمثيل في الأمم المتحدة من عضو مراقب إلى عضو كامل العضوية مهم للغاية بالنسبة لفلسطين، ولا يعتبر فرضا لاعتراف الدول ببعضها البعض، ومبدأ الاعتراف هو اعتراف ثنائي متبادل بين الدول. ولهذا السبب فالمطلوب، وفوراً، إنهاء الانقسام الفلسطيني، والاستفادة من المبادرة التي تقدمها روسيا من جديد لفلسطين للمساعدة في ذلك من خلال اجتماعات التنظيمات بالعاصمة الروسية موسكو.

ختاماً، نحن على أبواب قيام دولتنا الفلسطينية الفعلي، وأي مماطلة في استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية سوف يعرقل ويؤجل قيامها، فيما يدرك الجميع حول العالم الآن أنه لا خيار آخر لحل أزمة الشرق الأوسط ووقف التصعيد سوى من خلال تمتع الفلسطينيين بدولتهم المستقلة، كما يعي الجميع أيضاً أن قضية القدس لا تمسّ الفلسطينيين فحسب، بل تؤثر في حياة ثلاث مليارات نسمة حول العام من المسلمين والمسيحيين وغيرهم، وأن الشعب الفلسطيني يضحي بأرواحه فداءً لها.

ونأمل قريباً جداً أن يتم التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى