صحافة ورأي

تأثير القضية الفلسطينية على المشهد الفني المعاصر

بقلم د.سرور محمد خليل

الاحتجاج الفني هو شكل من أشكال التعبير الذي يستخدم الفن للتعبير عن الاعتراض على الأوضاع الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، ففي سياق عالمي يمكن أن يشمل هذا النوع من الفن مجموعة متنوعة من الأشكال مثل الرسم، والنحت، والموسيقى، والرقص، والأداء، والأفلام،حيث لعب الفن الاحتجاجي قديماً دوراً مهماً في تغيير المجتمعات وتعزيز الوعي بقضايا معينة، على سبيل المثال، في الستينيات، استخدم الفنانون في حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الفن لإبراز قضايا العنصرية والتمييز، وفي فترة الربيع العربي، استخدم الفنانون في منطقة الشرق الأوسط الفن كوسيلة للتعبير عن مطالبهم بالتغيير والحرية.

ولكن نهوضه كان واضح جداً في السياق الفلسطيني، حيث يمثل الفن الاحتجاجي وسيلة قوية للتعبير عن الهوية الوطنية والمقاومة ضد الاحتلال والظلم، اذ يسعى الفنانون إلى استخدام أعمالهم كوسيلة لإثارة النقاش والتفكير، هذا النوع من الفن لا يخاطب فقط الحس الجمالي بل يسعى إلى تغيير موقف الجمهور من قضايا معينة من خلال تحفيز الفكر النقدي والاعتراض، إذ لا يمكن نسيان “مفتاح العودة” الذي يعد المفتاح رمزاً مهماً في الفن الفلسطيني، يمثل الأمل في العودة إلى الأراضي التي هُجر منها الفلسطينين في عام 1948، حيث يظهر المفتاح في العديد من الأعمال الفنية كإشارة إلى حق العودة وعدم نسيان القرى المهجرة، وجدارية “حنظلة” لناجي العلي إذ يعد حنظلة هو أحد أشهر رموز الفن الاحتجاجي الفلسطيني، وهو شخصية كارتونية رسمها الفنان ناجي العلي حيث يمثل حنظلة طفلًا فلسطينيا يُدير ظهره للعالم، وأصبح رمزا للمقاومة والصمود الفلسطيني، وتميزت بنقدها اللاذع للاحتلال الإسرائيلي والسياسات العربية تجاه القضية الفلسطينية، فضلاً عن أعمال سليمان منصور الذي يُعد من أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين وكانت من اشهر اعماله هو “جمل المحامل” الذي يُعد رمزاً للنضال الفلسطيني، حيث يُظهر رجلا يحمل القدس على ظهره كما يحمل الجمل أثقاله، هذه اللوحة تُجسد التضحيات المستمرة للشعب الفلسطيني وتعتبر من أبرز الأعمال الفنية الاحتجاجية، هذا الى جانب الشعر ووضوحه في قصائد “محمود درويش” التي تعبر قصائده عن حلم الفلسطينيين في العودة واستقلال وطنهم، إذ لازال تأثير القضية الفلسطينية على المشهد الفني المعاصر” يسلط الضوء على كيفية تأثير الصراع الفلسطيني على الفنون الشعبية والمعاصرة، حيث يمكن ربط متغير الاحتجاج الفني باوج عاصفته في “طوفان الأقصى” من خلال النظر في كيفية استخدام الفن كوسيلة للتعبير عن المظالم والاحتجاجات، حيث أن سياق الحملة العسكرية التي نفذتها حركة حماس، كان للفن دور كبير في توثيق أحداث الصراع واظهار معاناة الأشخاص المتضررين، فالفن يمكن أن يصبح وسيلة قوية لنقل رسائل سياسية واجتماعية، مثل الاحتجاج ضد الانتهاكات والتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية، اذ لا زالت الأعمال الفنية والمعارض تساهم في تعزيز الرسالة السياسية والاجتماعية للفلسطينيين وتتفاعل مع المشهد الفني الأوسع، الاحتجاج الفني في هذه الحالة ليس مجرد تعبير عن الاستياء، بل هو وسيلة لتوثيق الأحداث وجعلها مرئية للجمهور العالمي وفي الختام لا يسعني الا أن اقول:

تجسدت ألوان فن الاحتجاج في الوجود

تتناثر كالمطر، تسقط دون حدود

لوحات تنطق بالألم المرير

فيلم يوثّق جرح الأرض العميق

وموسيقى تعزف ناي المآسي الحزين

ومسرحيات تشهد صرخات الفراق المديد

وارضٍ غرقت بدم الشهيد

لماذا الأفواه تبقى صامتة؟

وتبقى الأسئلة بلا جوابٍ سديد؟

ويُكشف الحجاب عن صوت الحق الثمين؟

متى ينفجر بركان الصبر المديد؟

ويُحرق الظلام بضياء الأمل البعيد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى