لا تزال المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبقية جبهات الإسناد في اليمن والعراق وحتى الجمهورية الإسلامية الإيرانية تضبط أفعالها المشروعة وحقّها الطبيعي في الدفاع عن النفس بمنظومة القِيم والأخلاق وقوانين الحروب الوضعية والإسلامية السَّمِحة والقانون الإنساني الدولي، في مقارعة عصابات إسرائيلية وغربية يشهد عليها تاريخها وحاضرها بأنها تعبّر أصدق تعبير عن “الظلام” و”الهمجية” و “البربرية” و”التوحش” بأبشع صورها. حيث تنتهك عن سبق إصرار وترصّد كل القوانين والقِيم والأخلاق وحتى الفطرة الإنسانية السويّة، ولا يبدو أنّها قابلة لمراجعة هذا السلوك أو التراجع عنه قيد أنملة. فهل آن الاوان ولو متأخراً لمراجعة التعامل معه بالمثل وردّ الصاع صاعين وبالطريقة التي يفهمها وتُجدي معه، وفي ذلك قمة العدل والإنصاف.
وعليه، فإن الجنوب اللبناني جزءٌ أصيل من لبنان، والطائفة الشيعية جزءٌ لا يتجزأ من الشعب اللبناني ومكوّن أساسي من مكوّناته كبقية الطوائف المسيحية ومنها المارونية والأرثوذوكسية، والسنيّة، والدرزية والعلوية وغيرها.. وليست مجرد جالية طارئة ودخيلة، بل بذلت الغالي والنفيس في مواجهة “الكيان” العدواني والحفاظ على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله، وما زالت تدفع أبهظ الأثمان في سبيل ذلك، شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى، ومَن يقول بغير ذلك فليُراجع نفسه ويعود إلى الرُّشد والصواب وليتراجع فوراً، ومَن لم يتراجع ويُعلن توبته فعلى الجهات اللبنانية الرسمية المختصة أن تعتقله وتدقق ليس في وطنيّته والوطن في حالة حرب، بل والتيقّن من جذور لبنانيّته كذلك.
وكون لبنان يواجه عدواً متوحّشاً بطبعه، ويسعى لتدمير لبنان كل لبنان بمختلف مناطقه دون تمييز، فالضاحية كما بعلبك والهرمل وزغرتا وبكفيا وعكار والبسطة والحمرا سواء بسواء.. ويُمعن في استهداف عموم الشعب اللبناني بشتى طوائفه ومذاهبه ومكوّناته حيث “العربي الجيّد مسلم أم مسيحي هو العربي الميّت” وفق معتقداته. فإن بيروت العاصمة بكافة مناطقها مقابل تل أبيب هي المعادلة الأكثر عدلاً، كما أن كل ضحايا عدوانه البربري على لبنان من المدنيين الأبرياء لا يماثل الفرد الواحد منهم كافة مستوطني “الكيان” المتفرّد في العالم أجمع الذي لا مدنيين فيه بل جنود في “ثكنة” عسكرية كما أسسه الغرب الاستعماري بالأساس.
بهذا المنطق لا بدّ أن تتصوّب بوصلة المقاومة اللبنانية الأسطورية، ومعها كافة المقاومين لهذا “الكيان” المارق الذي لا قِيَم ولا أخلاق ولا فطرة إنسانية ولا قانون تردعه أو تُجدي نفعاً مع عصابات وحوشه الضارية المسعورة، والذي ذهب كبيرهم الذي بات المطلوب الأول للعدالة السماوية والإنسانية، المجرم البولندي النازي “بنزيون ميليكوفسكي” لدرجة تحدي الله والوعد بالانتصار عليه لو وقف إلى جانب اللبنانيين والفلسطينيين وحال دون استمراره في حربه الهمجية وتحقيقه وهم “النصر المطلق” في عموم منطقة الشرق الأوسط وفق مشيئته بحد السيف و”اليد الطولى” و “أنا ربّكم الأعلى”.