
الغارديان البريطانية: اليمين الإسرائيلي المتطرف يخطط من أجل غزة بلا فلسطينيين
“تراجع نتنياهو عن التزام حكومته بسحب قواتها من لبنان في غضون 60 يوماً (حسب الاتفاق بين البلدين)، على الرغم من أنه ألقى اللوم على لبنان. ويبدو أن لا شيء يمنعه من القيام بنفس الشيء، أو ما هو أسوأ، في غزة. تصريحات ترامب، حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، لم تكن محض صدفة أو مجرد تصريحات فارغة وعبثية أو زلة لسان. أن هذه التصريحات لها ما بعدها، إنها مقدمة للاستيلاء على القطاع من خلال النظر له نظرة مقاول، وكمشروع اقتصادي واستثماري. إن هذا التوجه كشفت عنه تسريبات ويكليكس حين نقلت حديث نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، حين تحدث عن انتداب أمريكي لغزة لمدة 100 عام، بعقد شبيه بوضع هونغ كونغ مع بريطانيا”.
استهلت “بي بي سي” جولتها اليومية في الصحافة العالمبة يوم أمس 28/1 الجاري، من صحيفة الغارديان البريطانية، حيث كتب “بن ريف” مقالاً بعنوان: “لا تخطئوا: اليمين الإسرائيلي المتطرف يخطط من أجل غزة بلا فلسطينيين”،
حيث يستهل الكاتب مقالته بالإشارة إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، والذي دخل أسبوعه الثاني، مشيراً إلى بعض العقبات التي واجهت الاتفاق لكن تم حلها سريعاً، ثم ينتقل إلى مستقبل الاتفاق الذي يراه معرضا للخطر إلى حد كبير. وكتب: (لا ينبغي أن يكون هناك أوهام حول الاتجاه الذي تتجه إليه هذه الصفقة. لا ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يرى الأمر يصل إلى وقف إطلاق نار دائم، كما لا ينوي نتنياهو الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ولن يمنعه دونالد ترامب – الذي سارع كثيرون إلى نسب الفضل إليه في إجبار نتنياهو على الموافقة على وقف إطلاق النار في المقام الأول – من نسفه). ووجه الكاتب اتهامات لنتنياهو بأنه عرقل عمدا مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة على مدى العام الماضي، وقام بتسريب معلومات سرية من المحادثات إلى الصحافة، وتجاوز مجلس الوزراء الأمني المصغر لتقييد صلاحيات المفاوضين الإسرائيليين، وفقه رأيه. وقال الكاتب أيضاً إن رئيس الوزراء الإسرائيلي تراجع عن الاتفاقات، التي تم التوصل إليها خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وقام بغزو آخر معقل مدني في غزة، مدينة رفح، عندما كانت الصفقة على الطاولة، وعمل على تضخيم الفجوات بين مواقف إسرائيل وحماس، وإضافة (خطوط حمراء) جديدة بشكل تعسفي بعد أن قبلت حماس شروط إسرائيل السابقة. وأضاف: (الآن بعد أن وافق نتنياهو في النهاية على وقف إطلاق النار – سواء بسبب ضغوط من ترامب أو حساباته السياسية الخاصة – تخشى عائلات الرهائن الإسرائيليين أن يتخلى نتنياهو عن أحبائهم من أجل استئناف الحرب). ويرى الكاتب أن عائلات الرهائن لديهم سبب وجيه لذلك الخوف، مشيراً إلى تقارير تلقي بظلال من الشك على التزام نتنياهو بالتحقيق الكامل لوقف إطلاق النار. (يبدو أن رئيس الوزراء وافق على مطلب وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، باستئناف القتال بعد انقضاء المرحلة الأولى من مراحل وقف إطلاق النار الثلاث. وعلى الرغم من امتناع نتنياهو عن الاعتراف بذلك علناً، إلا أن المصادر الحاضرة في تلك المناقشات، وكذلك الصحفيون المقربون من نتنياهو، أكدوا أن فرص وصول الصفقة إلى مرحلتها الثانية تقترب من الصفر). وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن نتنياهو سيواجه صعوبة في العودة إلى السلطة إذا أجريت الانتخابات اليوم، وفق الكاتب، (لذا فإن بقاءه السياسي ــ وقدرته على منع استكمال محاكمته بتهم الفساد والمساءلة عن الإخفاقات المحتملة في الفترة التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ــ يقع الآن بين يدي رجل تتلخص رؤيته لغزة في السيطرة الإسرائيلية الدائمة عليها والتطهير العرقي للفلسطينيين)، وذلك في إشارة إلى سموتريتش. ويتابع الكاتب أن رؤية سموترتيش تتوافق مع رؤية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي تحدث للصحفيين مؤخرا عن فكرة نقل سكان غزة بشكل دائم إلى مصر أو الأردن. وينقل الكاتب عن مسؤولين إسرائيليين كبار، إن ذلك لم يكن زلة لسان. مشيراً إلى أن (البعض في حكومة نتنياهو ينظر إلى الفكرة بشكل إيجابي، وقد طرح مسؤول انتقالي لترامب بالفعل إمكانية نقل الأشخاص مؤقتاً من غزة إلى إندونيسيا). وقال الكاتب إن نتنياهو نفسه يزعم أنه تلقى تأكيدات، من ترامب وجو بايدن بأن الولايات المتحدة ستمنح إسرائيل دعمها الكامل، لاستئناف هجومها على غزة، إذا انهارت المفاوضات قبل المرحلة الثانية من الاتفاق. واختتم: (في الأسبوع الماضي، تراجع نتنياهو عن التزام حكومته بسحب قواتها من لبنان في غضون 60 يوما (حسب الاتفاق بين البلدين)، على الرغم من أنه ألقى اللوم على لبنان. ويبدو أن لا شيء يمنعه من القيام بنفس الشيء، أو ما هو أسوأ، في غزة. والواقع أن العواقب المترتبة على ذلك سوف تكون مدمرة، بالنسبة لمليوني فلسطيني بدأوا للتو في لملمة شظايا حياتهم المحطمة”.
“مع ترامب.. القادم أسوأ”
صحيفة القدس الفلسطينية التي تناولت تصريحات ترامب أيضاً، ومقال بعنوان “ترامب والتهجير والقادم الأسوأ”، كتبه محمد جودة. حيث يرى الكاتب أن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، لم تكن محض صدفة أو مجرد تصريحات فارغة وعبثية أو زلة لسان. ويعتقد أن هذه التصريحات لها ما بعدها، معتبرا أنها “مقدمة للاستيلاء على القطاع من خلال النظر له نظرة مقاول، وكمشروع اقتصادي واستثماري”. وكتب: “في تقديري أيضاً، إن هذا التوجه كشفت عنه تسريبات ويكليكس حين نقلت حديث نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، حين تحدث عن انتداب أمريكي لغزة لمدة 100 عام، بعقد شبيه بوضع هونغ كونغ الصينية مع بريطانيا”. وحذر الكاتب من خطورة هذه التصريحات، التي “تكشف عن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومخططاته تجاه غزة والمنطقة، وهي تأتي استكمالاً لمشروعه الشيطاني السابق إبان فترة ولايته الأولى، وما سمي بصفقة القرن آنذاك، والتي كان الهدف منها هو أن يحكم الصهاينة قبضتهم من الفرات إلى النيل، وتحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى”. وأضاف: “ولذلك أعتقد أن القادم مع ترمب سيكون أسوأ، وسيعمل على فرض واقع جديد بالقوة”. مطالباً بتوحيد الموقف العربي خاصة من مصر والأردن، وكذلك توحيد الموقف الفلسطيني “لمواجهة هذه المخططات التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وتسقط مشروع الدولة الفلسطينية وبالتالي إنهاء القضية الفلسطينية بشكل تام”. قائلاً: “آن الآوان للضغط من قبل المجتمع الدولي على إسرائيل… وإلزامها بتطبيق كل القوانين والمعاهدات التي أقرتها الشرعية الدولية، والتي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير واستقلاله الوطني”.
“الهولوكوست وحرب غزة”
واختتمت “بي بي سي” جولتها الإعلامية اليومية مع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، التي كتبت افتتاحية بعنوان “التقليل من أهمية الهولوكوست: تصريحات الرئيس الأيرلندي تساوي بين الحرب النازية وحرب غزة”. حيث هاجمت الصحيفة في افتتاحيتها الرئيس الأيرلندي، مايكل هيغينز، بسبب كلمة ألقاها مؤخرا خلال فعالية إحياء الذكرى الثمانين لتحرير معسكر الاعتقال “أوشفيتز بيركيناو” في بولندا، الذي شهد انتهاكات من النازيين ضد اليهود، فيما يعرف بالمحرقة أو “الهولوكوست”. وانتقدته على ترحيبه بوقف إطلاق النار في غزة، وإشارته إلى الظروف الإنسانية المروعة التي يعانيها سكان القطاع. وكتبت: “في تحريف غريب لمعنى اليوم، الذي من المفترض أن يحيي ذكرى ستة ملايين يهودي ذبحوا على أيدي النازيين، أبدى هيغينز ازدراءه لإسرائيل، ملاذ وحارس اليهود والضامن بأن الهولوكوست لن يتكرر”. وأضافت: “لم يكتف هيغينز بإضفاء التشابه (بين المحرقة) وبين حرب إسرائيل في غزة لتحرير الرهائن – الذين احتجزتهم حماس بعد هجومها الوحشي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 – بل ركز أيضا على الوضع الإنساني في غزة، بدلاً من أكثر من 90 رهينة ما زالوا محتجزين لدى الجماعة الإرهابية الوحشية”. ونقلت الصحيفة عن هيغينز قوله: “إن الحزن الذي تسببت فيه الأفعال المروعة – التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والرد (الإسرائيلي) عليها – للعائلات لا يمكن تصوره. إن خسارة أرواح المدنيين، وتشريد الناس، وتدمير المنازل والمؤسسات كلها أمور تتجاوز الفهم. يجب أن ينهي الاتفاق (اتفاق وقف إطلاق النار) الحالي القتل، ويوفر بشكل عاجل زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية لإنقاذ المزيد من الأرواح”. وترى الصيحفة أن هيغينز حاول بوضوح الربط بين الهولوكوست وأفعال إسرائيل في غزة على مدى الأشهر الستة عشر الماضية، مستشهدة بقوله: “عندما يتم قبول الحروب والصراعات أو تقديمها على أنها لا تنتهي، فإن البشرية هي الخاسرة. الحرب ليست الحالة الطبيعية للإنسانية، بل التعاون”. لقد تحدث هيغينز عن “الثمن الباهظ” الذي دفع خلال الصراع وهو “خسارة أرواح المدنيين، وأغلبهم من النساء والأطفال، وتشردهم، وفقدان منازلهم وفقدان المؤسسات الضرورية للحياة نفسها”، وفق الصحيفة. واختتمت: “من الواضح أن الدروس التي احتاج العالم إلى تعلمها من الهولوكوست أصبحت مشوشة، وتتلاشى كلما ابتعدنا عن الأحداث الفعلية التي وقعت. ومع وفاة الناجين، ومعهم رواياتهم المباشرة عن الأهوال التي ارتُكبت ضد اليهود، سيكون من الأسهل على أشخاص مثل هيغينز التقليل من حجمها، واستخدامهما لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة”.