
“الكيان الوكيل الأداة والأمريكي الأصيل في نفس سلة العداء للعالم وللبشرية جمعاء، والمارقين على منظومة الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي وقراراتها، بل والقِيَم والأخلاق والفطرة البشرية السويّة، ككيانيْن شاذّيْن مجرميْن لا يقبلا التعايش والسلام مع الآخر بالمطلق، ويسفكا الدماء بشهوة وهوس مَرَضي مزمن ومتأصّل. على أوروبا المناقفة التي أوجد مجرموها وشواذّها هاذيْن الكيانيْن الإجرامييْن أن تستيقظ وتترك نفاقها وتحسم أمرها لصالح شعوبها وأوطانها قبل فوات الأوان، بل وتعترف بما اقترفته بحق البشرية، وتبادر لتكفير ذنوبها إن رغبت لنفسها بالحياة قبل أن يجرفها طوفان الحق القادم حتماً. يبدو أن منظومة الفساد الأمريكي الأكبر قد تدخّلت لتوقف هذه القضية عند هذا الحد، كما طمست الكثير من القضايا السابقة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اعتيال الرئيس كينيدي وأحداث 11 ايلول/سبتمبر 2001 وغيرها الكثير.ما تقدم يُدلل على حجم الفساد والإفساد الذي يقوم به اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، لدرجة جعلت من “الكيان” و”الولايات المتحدة” كتوأم سيامي لا يمكن الفصل بينهما، وهو ما يُفسّر كيف لبايدن أن يصدر عفو عن ابنه هانتر المجرم قضائياً، وكيف لترامب المدان بأكثر من 34 جريمة جنائية أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، بل ويطمح لقيادة العالم أجمع”.
لا تقتصر الرعاية الأبوية الأمريكية للكيان الإجرامي في فلسطين على تأمين الدعم المطلق والشامل له سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً وتوفير المظلة الواقية له وتبنّي سياساته ومطالبه في كافة المحافل الدولية والإقليمية، والتعامل معه كولاية أمريكية رقم واحد، وتفضيله حتى على أمريكا بكافة ولاياتها الخمسين وفق منطق “إسرائيل أولاً” وقبل كلّ وأي شيء آخر.. مثلما لا تنحصر هذه الشراكة التوأمة في الشراكة القتالية اللا محدودة تسليحاً وتخطيطاً في الهجوم قبل الدفاع، وقيادة وخوض كافة العمليات العسكرية باعتبار جيش الاحتلال برمته أحد تشكيلات الجيش الأمريكي بكل ما يحمله ذلك من معانٍ والتزامات وباعتبار “الكيان” أرضاً أمريكية بحته، إن لم تكن أعزّ وأغلى من الأراضي الأمريكية ذاتها.
هذه الصورة العامة باتت واضحة للعالم أجمع، وقد تجلت بأبشع صورها في الإبادة والتدمير والاغتيالات والاعتداءات ليس في فلسطين فحسب، وإنما في لبنان وسوريا والعراق واليمن وحتى إيران، وباعترافات موثّقة ووقحة جهاراً نهاراً. وهو ما يضع “الكيان” الوكيل الأداة والأمريكي الأصيل في نفس سلة العداء للعالم وللبشرية جمعاء، والمارقين على منظومة الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي وقراراتها، بل والقِيَم والأخلاق والفطرة البشرية السويّة، ككيانيْن شاذّيْن مجرميْن لا يقبلا التعايش والسلام مع الآخر بالمطلق، ويسفكا الدماء بشهوة وهوس مَرَضي مزمن ومتأصّل. الأمر الذي يفرض على العالم بمختلف شعوبه مواجهة هكذا صلف وعنجهية وغطرسة، مثلما تكتّل في مواجهة النازية الألمانية بالأمس القريب. وعلى أوروبا المناقفة التي أوجد مجرموها وشواذّها هاذيْن الكيانيْن الإجرامييْن أن تستيقظ وتترك نفاقها وتحسم أمرها لصالح شعوبها وأوطانها قبل فوات الأوان، بل وتعترف بما اقترفته بحق البشرية، وتبادر لتكفير ذنوبها إن رغبت لنفسها بالحياة قبل أن يجرفها طوفان الحق القادم حتماً.
وهنا لا بدّ من استذكار فضيحة الشبكة التي اعتقلتها شرطة ولاية نيوجرسي بضاحية نيويورك الممتدة من “أسرائيل” إلى الولايات المتحدة وحتى سويسرا التي تدّعي أنها دولة “محايدة”، حيث اعتقلت شرطة الولاية في تموز/يوليو 2009 مبدئياً ما مجموعة 44 شخصاً، منهم 5 حاخامات ورؤساء بلديات مدن وقادة سياسيين منتخبين. وبثت محطات التلفزة حينها صور هؤلاء المعتقلين موثوقي الأيدي إلى جانب حاخامات بالزي التقليدي، وصور مداهمات عدة كُنُس يهودية، وظهر المدّعي العام “رالف مارا” خلال مؤتمر صحفي قائلاً: “هذه الشخصيات السياسية مرتشية” وان “المنتخَبين يستعملون الرشاوى لأغراض إنتخابية”، نافياً “أي دافع سياسي وراء الاعتقالات التي طالت مسؤولين ديمقراطيين وكذلك جمهوريين”، متّهماً رجال الدين اليهود بـ”إخفاء نشاطاتهم الإجرامية الواسعة خلف واجهة من الاحترام”، مؤكداً على أن “الامر لايتعلق بالسياسة ولا بالدين، بل بمجرمين يستغلون السياسة والدين”. وكشفت تسريبات هذه القضية أن المتهم الأول هو الحاخام “ليفي اسحق بوزينبوم” كان يُتاجر بالأعضاء وعمليات تبييض الأموال، وأنه جامع أموال كبير لصالح مؤسسات توراتية في “إسرائيل” والعالم ويقوم بإيداعها مباشرة في صناديق معاهد دينية يهودية وكُنُس وجمعيات خيرية، وأن لديه علاقات واسعة مع عائلة زعيم حزب شاس الإسرائيلي الحاخام عوفاديا يوسف. كما كشفت النقاب أن هناك جمعيات خيرية يهودية متورطة في المتاجرة بالأعضاء البشرية، وأن الشخص الثاني هو مواطن إسرائيلي ساعد الحاخام المتهم الأول بعمليات تبييض الأموال، وتوسّط بينه وبين جهات طلبت تبييض أموالها. وتبين للمحققين أن حاخامات آخرين – ضالعين في عملية الاحتيال واسعة النطاق – درجوا على تبييض مبالغ مالية طائلة حصلوا عليها من أعمال غير قانونية متنوعة، بينها بيع سلع مزيفة، والاحتيال على البنوك ومخالفات كبيرة لقوانين الضرائب. وقال وقتها عميل سري للـ “أف بي آي” أن الشبكة بلغت من القوة والامتداد إلى حد يُنصح باللجوء إليها كل شخص يريد تبييض الأموال، وتحديداً عبر المعاهد الدينية اليهودية والكنس مثل كنيس “أوهيل يعقوب” و”يشيفاه ديل”.
وعلى المقلب الآخر، ذكر مكتب المدعي الأميركي المذكور “أن التحقيق الذي استمر عشرة أعوام كشف عن استغلال للنفوذ وتلقي رشى بين شبكة من المسؤولين الفاسدين، وعن حلقة منفصلة لغسل أموال تقدر بعدة ملايين من الدولارات عبر جمعيات خيرية يديرها حاخامات يهود”، وأضاف أن من بين 44 شخصا تم اعتقالهم الخميس على ذمة القضية “بيتر كامارانو” رئيس بلدية هوبوكن بولاية نيوجرسي الذي تولى منصبه قبل 23 يوماً، ومن بين المتهمين الآخرين رئيسا بلديتين، وعضو المجلس التشريعي للولاية، ونائبة رئيس بلدية، وأعضاء في مجلس المدينة، ومسؤولون عن الإسكان والتخطيط وتقسيم المناطق، ومفتشو مبان ومرشحون سياسيون.. وأوضح أن معظم هؤلاء متورطون بتلقي رشى وهبات مالية، مقابل تلزيم شركات محددة مشاريع بناء ومقاولات، مستغلين مواقعهم في المجالس المحلية والبلدية في الولاية…
ويبدو أن منظومة الفساد الأمريكي الأكبر قد تدخّلت لتوقف هذه القضية عند هذا الحد، كما طمست الكثير من القضايا السابقة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اعتيال الرئيس كينيدي وأحداث 11 ايلول/سبتمبر 2001 وغيرها الكثير. الصحفي البريطاني المقيم في الناصرة “جوناثان كوك” عبّر حينها عن اعتقاده بإن الأمل ضئيل في العثور على أدلة عن هذه القضية بعد سنوات عديدة من وقوعها، إلا في حال نبش قبور الفلسطينيين. كما أن تهم “معاداة السامية” التي لا بد من توجيهها في حالة نشر مثل هذه التقارير مثلت هي الأخرى رادعاً قوياً حال دون إثارة القضية، حيث اتجه بعض الصحفيين المرتبطين باليهود في الولايات المتحدة إلى انتقاد الحملة التي شنها مكتب التحقيقات الفيدرالية على الحاخامات مشككين في تورطهم في هذه القضية، وعلى رأسهم “روب ايشمان” المحرر بصحيفة “نيوجيرسي ستار”، إذ قال: إن هذه “القضية تتجاوز مجرد إلقاء القبض على مجموعة من الساسة المنحرفين إلى ممارسة الاضطهاد على اليهود بالولاية وربط هذه الاتهامات عمدًا بالقيادات الدينية لليهود بالولاية ومن ثم الحض على كراهية المجتمع اليهودي وانتشار معاداة السامية بالولايات المتحدة”. فيما حذّر “جولدبرج” المحرر بصحيفة “فوروارد” المحلية بنيوجيرسي من “أن هذه القضية قد تؤدي لتصاعد موجة ما أطلق عليه بمعاداة السامية في المجتمع الأمريكي التي بدأت في التراجع في الآونة الأخيرة”. أما رئيس ما يُسمّى “الهيئة الوطنية اليهودية لمناهضة الافتراء” المدعو “أب فوكسمان” فقد وجّه خطاباً للمرشح الرئاسي وقتذاك “جون ماكين” دعاه إلى “ممارسة ضغوط سياسية لإنهاء الحملة التي يتعرض لها يهود الولايات المتحدة”.
لم تكن هذه القضية قضية فساد عادية يتم الكشف عنها في إحدى الولايات الأمريكية فحسب، وإنما تعدت دلالاتها وتداعياتها هذا النطاق لتنال العلاقة بين المؤسسات الدينية والسياسيين ومدى ملائمة القواعد المنظمة للتمويل السياسي في الحملات الانتخابية سواء على مستوى الولايات أو على مستوى المناصب الفيدرالية الأمريكية، ليبدأ الجدل حول آليات الضبط المجتمعي وفاعليتها في مواجهة السياسيين ورموز المجتمع والقيادات الحزبية ورجال الدين. فقد أثارت جدلاً سياسيًّا واسع النطاق ولاسيما حول الضوابط المؤسسية والقانونية للتمويل السياسي للأحزاب والحملات الانتخابية ومدى فاعلية الرقابة عليها في ظل وجود شبكات تقوم بأنشطة محرمة مثل غسيل الأموال والتهريب مدمجة في المؤسسات التنفيذية والتشريعية لبعض الولايات، وهو ما أشار إليه “كايث ريتشبرج” المحرر بصحيفة واشنطن بوست بقوله: “إن الفساد في بعض الولايات الأمريكية قد أضحى منتشرًا ونافذًا لاسيما بين السياسيين الذين يُعتقد أنهم في المنطقة الآمنة من الملاحقة القضائية”، في حين أشار الإعلامي “ماثيو ليزاك” إلى أن هذه القضية ترتبط في أحد أبعادها بالتمويل السياسي للحملات الانتخابية في الولايات الأمريكية، وعدم فاعلية الرقابة المفروضة على مصادر وحجم التمويل الخاص للمرشحين، فضلاً عن ممارسة الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة للرقابة على أعضائهم ومرشحيهم في الانتخابات المحلية.
ما تقدم يُدلل على حجم الفساد والإفساد الذي يقوم به اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، لدرجة جعلت من “الكيان” و”الولايات المتحدة” كتوأم سيامي لا يمكن الفصل بينهما، وهو ما يُفسّر كيف لبايدن أن يصدر عفو عن ابنه هانتر المجرم قضائياً، وكيف لترامب المدان بأكثر من 34 جريمة جنائية أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة، بل ويطمح لقيادة العالم أجمع.